فقيل له فإنك تحتكر، فقال: لان معمرا راوي الحديث كان يحتكر. قال ابن عبد البر:
كانا يحتكران الزيت. وهذا ظاهر أن سعيدا قيد الاطلاق بعمل الراوي، وأما معمر فلا يعلم بم قيده؟ ولعله بالحكمة المناسبة التي قيد بها المجهور.
34 - (وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تصروا بضم المثناة الفوقية وفتح الصاد المهملة من صرى يصري على الأصلح (الإبل والغنم عمن ابتاعها بعد فهو بخير النظرين) الرأيين (بعد أن يحلبها إن شاء أمسك وإن شاء ردها وصاعا) عطف على ضمير المفعول في ردها على تقدير ويعطى (من تمر. متفق عليه، ولمسلم) أي عن أبي هريرة (فهو بالخيار ثلاثة أيام. وفى رواية له علقها البخاري، ورد معها صاعا من طعام إلا سمراء. قال البخاري والتمر أكثر) أصل التصرية حبس الماء، يقال صريت الماء إذا حبسته. وقال الشافعي: هي ربط أخلاف حي الحديث البقر والحكم واحد لحديث (نهى عن التصرية للحيوان إذا أريد بيعه) لأنه قد ورد تقييده في رواية النسائي بلفظ (ولا تصروا الإبل والغنم للبيع) وفى رواية له إذ باع أحد كم الشاة أو اللقحة فليحلبها، وهذا هو الراجح عند المجهور، ويدل عليه التعليل بالتدليس والغرر كذا قيل، إلا أنى لم التعليل بهما منصوصا. وأما التصرية لا لبيع بل ليجتمع الحليب لنفع لمالك فهو وإن كان فيه إيذاء للحيوان إلا أنه ليس فيه إضرار فيجوز، وظاهر الحديث أنه لا يثبت الخيار إلا بعد الحلب، ولو ظهرت التصرية بغير حلب فالخيار ثابت، وثبوت الخيار قاض بصحة بيع المصراة. وفى الحديث دليل على أن الرد بالتصرية فورى، لان الفاء في قوله (فهو بخير النظرين) تدل على التعقيب من غير تراخ وإليه ذهب بعض الشافعية، وذهب الأكثر إلى أنه على التراخي لقوله (فله الخيار ثلاثا). أجيب من طرف القائل بالفور أن ذلك محمول على ما إذا لم يعلم أنها مصراة إلا في الثالث لان الغالب أنها لا تعلم في أقل من ذلك الجواز النقصان باختلاف العلف ونحوه، ولان في رواية أحمد والطحاوي (فهو بأحد النظرين بالخيار إلى أن يجوزها أو يردها) وأما ابتداء الثلاث ففيه خلاف، قيل من بعد تبين التصرية، وقيل من عند العقد، وقيل من التفريق. ودل الحديث أنه يرد عوض اللبن صاعا من تمر. وأما الرواية التي علقها البخاري بذكر صاعا من طعام، فقد رجح البخاري رواية التمر لكونه أكثر 2، وإذا ثبت أنه يرد المشترى صاعا من تمر في المسألة ثلاثة مذاهب: الأول للجمهور من الصحابة والتابعين باثبات الردة للمصراة ورد صاع من تمر سواء كان اللبن كثيرا أو قيلا والتمر قوتا لأهل البلد أولا. والثاني للهادوية فقالوا: ترد المصراة، ولكنهم قالوا: يرد اللبن بعينه إن كان باقيا، أو مثله إن كان تالفا أو قيمته يوم