جامعها من ورائها - أي في قبلها كما فسرته الرواية الأولى - جاء الولد أحول فنزلت * (نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم) *. واختلف الروايات في سبب نزولها على ثلاثة أقوال. الأول: ما ذكره المصنف من رواية الشيخين أنه في إتيان المرأة من ورائها في قبلها، وأخرج هذا المعنى جماعة من المحدثين عن جابر وغيره واجتمع فيه ستة وثلاثون طريقا في بعضها أنه لا يحل إلا في القبل وفي أكثرها الرد على اليهود. الثاني: أنها نزلت في حل إتيان دبر الزوجة أخرجه جماعة عن ابن عمر من اثني عشر طريقا. الثالث: أنها نزلت في حل العزل عن الزوجة أخرجه أئمة من أهل الحديث عن ابن عباس وعن ابن عمر وعن ابن المسيب ولا يخفى أن ما في الصحيحين مقدم على غيره فالراجح هو القول الأول.
وابن عمر قد اختلفت عنه الرواية والقول بأنه أريد بها العزل لا يناسبه لفظ الآية هذا. وقد روي عن ابن الحنفية أن معنى قوله تعالى: * (أنى شئتم) * فهو بيان للفظ أنى وأنه معنى إذا فلا يدل على شئ مما ذكر أنه سبب النزول على أن إتيان الزوجة موكول إلى مشيئة الزوج.
8 - (وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله (ص): لو أن أحدكم إذا أراد أن يأتي أهله قال: بسم الله، اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا فإنه إن يقدر بينهما ولد في ذلك لم يضره الشيطان أبدا متفق عليه). هذا لفظ مسلم والحديث دليل على أنه يكون القول قبل المباشرة عند الإرادة وهذه الرواية تفسر رواية: لو أن أحدكم يقول حين يأتي أهله - أخرجها البخاري بأن المراد حين يريد وضمير جنبنا للرجل وامرأته. وفي رواية الطبراني: جنبني وجنب ما رزقتني بالافراد. وقوله: لم يضره الشيطان أبدا أي: لم يسلط عليه. قال القاضي عياض نفي الضرر على جهة العموم في جميع أنواع الضرر غير مراد وإن كان الظاهر العموم في جميع الأحوال من صيغة النفي مع التأبيد وذلك لما ثبت في الحديث من أن كل ابن آدم يطعن الشيطان في بطنه حين يولد إلا مريم وابنها فإن في هذا الطعن نوع ضرر في الجملة مع أن ذلك سبب صراخه. قلت: هذا من القاضي مبني على عموم الضرر الديني والدنيوي. وقيل ليس المراد إلا الديني وأنه يكون من جملة العباد الذي قال تعالى فيهم: * (إن عبادي ليس لك عليهم سلطان) * ويؤيد هذا أنه أخرج عبد الرزاق عن الحسن وفيه: فكان يرجى إن حملت به أن يكون ولدا صالحا وهو مرسل ولكنه لا يقال من قبل الرأي. قال ابن دقيق العيد:
يحتمل أنه لا يضره في دينه ولكن يلزم منه العصمة وليست إلا للأنبياء. وقد أجيب بأن العصمة في حق الأنبياء على جهة الوجوب وفي حق من دعي لأجله بهذا الدعاء على جهة الجواز فلا يبعد أن يوجد من لا يصدر منه معصية عمدا، وإن لم يكن ذلك واجبا له. وقيل