(ص). وأما الحصر في حديث الولد للفراش فنعم هو لا يكون الولد إلا للفراش مع ثبوته والكلام مع انتفائه ولأنه قد يكون حصرا أغلبيا وهو غالب ما يأتي من الحصر فإن الحصر الحقيقي قليل فلا يقال: قد رجعتم إلى ما ذممتم من التأويل. وأما قوله: وللعاهر أي الزاني الحجر فالمراد له الخيبة والحرمان وقيل له: الرمي بالحجارة إلا أنه لا يخفى أنه يقصر الحديث على الزاني المحصن والحديث عام.
باب الرضاع بكسر الراء وفتحها ومثله الرضاعة.
1 - (عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله (ص): لا تحرم المصة والمصتان أخرجه مسلم). المصة الواحدة من المص وهو أخذ اليسير من الشئ كما في الضياء وفي القاموس مصصته بالكسر أمصه ومصصته أمصه كخصصته أخصه شربته شربا رفيقا. والحديث دل على أن مص الصبي للثدي مرة أو مرتين لا يصير به رضيعا وفي المسألة أقوال: الأول: أن الثلاث فصاعدا تحرم وإلى هذا ذهب داود وأتباعه وجماعة من العلماء لمفهوم حديث مسلم هذا وحديث الآخر بلفظ: لا تحرم الاملاجة والاملاجتان " فأفاد بمفهومه تحريم ما فوق الاثنتين. القول الثاني: لجماعة من السلف والخلف وهو أن قليل الرضاع وكثيره يحرم وهذا يروى عن علي وابن عباس وآخرين من السلف وهو مذهب الهادوية والحنفية ومالك. قالوا: وحده ما وصل الجوف بنفسه وقد ادعى الاجماع على أنه يحرم من الرضاع ما يفطر الصائم واستدلوا بأنه تعالى علق التحريم باسم الرضاع فحيث وجد اسمه وجد حكمه وورد الحديث موافقا للآية فقال صلى الله عليه وسلم: يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب. ولحديث عقبة الآتي وقوله (ص): كيف وقد زعمت أنها أرضعتكما ولم يستفصل عن عدد الرضعات. فهذه أدلتهم ولكنها اضطربت أقوالهم في ضبط الرضعة وحقيقتها اضطرابا كثيرا ولم يرجع إلى دليل. ويجاب عما ذكروه من التعليق باسم الرضاع أنه مجمل بينه الشارع بالعدد وضبطه به وبعد البيان لا يقال إنه ترك الاستفصال.
القول الثالث: أنها لا تحرم إلا خمس رضعات وهو قول ابن مسعود وابن الزبير والشافعي ورواية عن أحمد. واستدلوا بما يأتي من حديث عائشة وهو نص في الخمس وبأن سهلة بنت سهيل أرضعت سالما خمس رضعات ويأتي أيضا. وهذا إن عارضه مفهوم حديث المصة والمصتان فإن الحكم في هذا منطوق وهو أقوى من المفهوم فهو مقدم عليه. وعائشة وإن روت أن ذلك كان قرآنا فإن له حكم خبر الآحاد في العمل به كما عرف في الأصول وقد عضده حديث سهل فإن فيه أنها أرضعت سالما خمس رضعات لتحرم عليه وإن كان فعل صحابية فإنه دال أنه قد كان متقررا عندهم أنه لا يحرم إلا الخمس الرضعات ويأتي تحقيقه. وأما حقيقة الرضعة فهي المرة من الرضاع كالضربة من الضرب والجلسة من الجلوس فمتى التقم الصبي الثدي وامتص منه ثم ترك ذلك باختياره من غير عارض كان ذلك رضعة والقطع لعارض كنفس