وفي الحديث دليل على ثبوت حق الحضانة الأم الكافرة وإن كان الولد مسلما إذ لو لم يكن لها حق لم يقعده النبي (ص) بينهما. وإلى هذا ذهب أهل الرأي والشورى.
وذهب الجمهور إلى أنه لا حق لها مع كفرها. قالوا: لان الحاضن يكون حريصا على تربية الطفل على دينه ولان الله تعالى قطع الموالاة بين الكافرين والمسلمين وجعل المؤمنين بعضهم أولى ببعض وقال: * (ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا) *. والحضانة ولاية لا بد فيها من مراعاة مصلحة المولى عليه كما عرفت قريبا وحديث رافع قد عرفت عدم انتهاضه.
وعلى القول بصحته فهو منسوخ بالآيات القرآنية هذه. وكيف تثبت الحضانة للأم الكافرة مثلا وقد اشترط الجمهور وهم الهادوية وأصحاب أحمد والشافعي عدالة الحاضنة وأنه لا حق للفاسقة فيها وإن كان شرطا في غاية من البعد، ولو كان شرطا في الحاضنة لضاع أطفال العالم ومعلوم أنه لم ينزل منذ بعث الله رسوله (ص) إلى أن تقوم الساعة أطفال الفساق بينهم يربونهم لا يتعرض لهم أحد من أهل الدنيا مع أنهم الأكثرون ولا يعلم إنه انتزع طفل من أبويه أو أحدهما لفسقه فهذا الشرط باطل لعدم العمل به. نعم يشترط كون الحاضن عاقلا بالغا فلا حضانة لمجنون ولا معتوه ولا طفل إذ هؤلاء يحتاجون لمن يحضنهم ويكفيهم.
وأما اشتراط حرية الحاضن فقالت به الهادوية وأصحاب الأئمة الثلاثة وقالوا لان المملوك لا ولاية له على نفسه فلا يتولى غيره والحضانة ولاية. وقال مالك في حر له ولد من أمته:
إن الأم أحق به ما لم تبع فتنتقل فيكون الأب أحق به واستدل بعموم حديث: لا توله والدة عن ولدها وحديث: من فرق بين والدة وولدها فرق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة أخرج الأول البيهقي من حديث أبي بكر وحسنة السيوطي وأخرج الثاني أحمد والترمذي، والحاكم من حديث أبي أيوب وصححه الحاكم. قال: ومنافعها وإن كانت مملوكة للسيد فحق الحضانة مستثنى وإن استغرق وقتا من ذلك كالأوقات التي تستثنى للمملوك في حاجة نفسه وعبادة ربه.
4 - (وعن البراء بن عازب رضي الله عنه أن النبي (ص) قضى في ابنة حمزة لخالتها وقال: الخالة بمنزلة الأم أخرجه البخاري، وأخرجه أحمد من حديث علي رضي الله عنه فقال: والجارية عند خالتها فإن الخالة والدة). والحديث دليل على ثبوت الحضانة للخالة وأنها كالأم ومقتضاه أن الخالة أولى من الأب ومن أم الأم ولكن خص ذلك الاجماع. وظاهره أن حضانة المرأة المزوجة أولى من الرجال فإن عصبة المذكورة من الرجال موجودون طالبون للحضانة كما دلت له القصة واختصام علي رضي الله عنه وجعفر وزيد بن حارثة وقد سبقت وأنه قضى بها للخال و قال: الخالة بمنزلة الأم. وقد وردت رواية في القصة أنه (ص) قضى بها لجعفر فاستشكل القضاء بها لجعفر فإنه ليس محرما وهو وعلي رضي الله عنهما سواء في القرابة لها، وجوابه أنه صلى الله عليه وسلم قضى بها لزوجة جعفر وهي خالتها فإنها كانت تحت جعفر لكن لما كان المنازع جعفرا