أبو عوانة في صحيحه: سمعت أهل العلم يقولون: معنى حديث علي أنه نهى يوم خيبر عن لحوم الحمر، وأما المتعة فسكت عنها وإنما نهى عنها يوم الفتح. والحامل لهؤلاء على ما سمعت ثبوت الرخصة بعد زمن خيبر ولا تقوم لعلي الحجة على ابن عباس إلا إذا وقع النهي أخيرا إلا أنه يمكن الانفصال عن ذلك بأن عليا رضي الله عنه لم تبلغه فيها يوم الفتح لوقوع النهي عن قرب ويمكن أن عليا عرف بالرخصة يوم الفتح ولكن فهم توقيت الترخيص وهو أيام شدة الحاجة مع العزوبة وبعد مضي ذلك فهي باقية على أصل التحريم المتقدم فتقوم له الحجة على ابن عباس. وأما قول ابن القيم: إن المسلمين لم يكونوا يستمتعون بالكتابيات يريد فيقوى أن النهي لم يقع عام خيبر إذ لم يقع هناك نكاح متعة فقد يجاب عنه بأنه قد يكون هناك مشركات غير كتابيات فإن أهل خيبر كانوا يصاهرون الأوس والخزرج قبل الاسلام فلعله كان هناك من نساء الأوس والخزرج من يستمتعون منهن.
27 - (وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: لعن رسول الله (ص) المحلل والمحلل له رواه أحمد والنسائي والترمذي وصححه، وفي الباب عن علي رضي الله عنه) ولفظه عن علي أنه صلى الله عليه وسلم " لعن المحلل والمحلل له " (أخرجه الأربعة إلا النسائي) وصحح حديث ابن مسعود ابن القطان وابن دقيق العيد على شرط البخاري. وقال الترمذي:
حديث حسن صحيح والعمل عليه عند أهل العلم منهم عمر وعثمان وعبد الله بن عمر وهو قول الفقهاء من التابعين. وأما حديث علي رضي الله عنه ففي إسناده مجالد وهو ضعيف وصححه ابن السكن وأعله الترمذي ورواه ابن ماجة والحاكم من حديث عقبة بن عامر ولفظه قال:
قال رسول الله (ص): ألا أخبركم بالتيس المستعار؟ قالوا: بلى يا رسول الله قال: فهو المحلل، لعن الله المحلل والمحلل له. والحديث دليل على تحريم التحليل لأنه لا يكون اللعن إلا على فاعل المحرم وكل محرم منهي عنه والنهي يقتضي فساد العقد. واللعن وإن كان ذلك للفاعل لكنه علق بوصف يصح أن يكون علة الحكم. وذكروا للتحليل صورا منها أن يقول له في العقد: إذا أحللتها فلا نكاح وهذا مثل نكاح المتعة لأجل التوقيت.
ومنها أن يقول في العقد: إذا أحللتها طلقتها. ومنها أن يكون مضمرا عند العقد بأن يتواطأ على التحليل ولا يكون النكاح الدائم هو المقصود. وظاهر شمول اللعن فساد العقد لجميع الصور، وفي بعضها خلاف بلا دليل ناهض فلا يشتغل بها.
28 - (وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله (ص):
لا ينكح الزاني المجلود إلا مثله رواه أحمد وأبو داود ورجاله ثقات). الحديث دليل على أنه يحرم على المرأة أن تزوج بمن ظهر زناه ولعل الوصف بالمجلود بناء على الأغلب في حق من ظهر منه الزنا وكذلك يحرم عليه أن يتزوج بالزانية التي ظهر زناها.
وهذا الحديث موافق قوله تعالى: * (وحرم ذلك على المؤمنين) * إلا أنه حمل الحديث والآية