ما أفادها قوله والمسلمون على شروطهم - أي ثابتون عليه واقفون عندها وفي تعديته بعلى ووصفهم بالاسلام أو الايمان دلالة على علو مرتبتهم وأنهم لا يخلو بشروطهم وفيه دلالة على لزوم الشرط إذا شرطه المسلم إلا ما استثناه في الحديث وللمفرعين تفاصيل في الشروط وتقاسيم: منها ما يصح ويلزم حكمه، ومنها ما لا يصح ولا يلزم، ومنها ما يصح ويلزم منه فساد العقد، وهي هنالك مبسوطة بعلل ومناسبات. وللبخاري في كتاب الشروط تفاصيل كثيرة معروفة. وقوله: إلا شرطا حرم حلالا ذلك كاشتراط البائع أن لا يطأ الأمة أو أحل حراما مثل أن يشترط وطئ الأمة التي حرم الله عليها وطأها.
2 - (وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي (ص) قال: لا يمنع) يروى بالرفع على الخبر والجزم على النهي (جار جاره أن يغرز خشبة) بالافراد وفي لفظ خشبه بالجمع (في جداره ثم يقول أبو هريرة: ما لي أراكم عنها معرضين؟ والله لأرمين بها بين أكتافكم) بالتاء جمع كتف (متفق عليه) وفي لفظ لأبي داود فنكسوا رؤوسهم. ولأحمد حين حدثهم بذلك فطأطأوا رؤوسهم والمراد المخاطبون وهذا قاله أبو هريرة أيام إمارته على المدينة في زمن مروان فإنه كان يستخلفه فيها فالمخاطبون ممن يجوز أنهم جاهلون بذلك وليسوا بصحابة وقد روى أحمد وعبد الرزاق من حديث ابن عباس : لا ضرر ولا ضرار وللرجل أن يضع خشبة في حائط جاره. والحديث فيه دليل على أنه ليس للجار أن يمنع جاره من وضع خشبة على جداره، وأنه إذا امتنع عن ذلك أجبر لأنه حق ثابت لجاره، وإلى هذا ذهب أحمد وإسحاق وغيرهما عملا بالحديث. وذهب إليه الشافعي في القديم وقضى به عمر في أيام وفور الصحابة. وقال الشافعي: إن عمر لم يخالفه أحد من الصحابة. وهو فيما رواه مالك بسند صحيح: أن الضحاك بن خليفة سأله محمد بن مسلمة أن يسوق خليجا له فيجريه في أرض محمد بن مسلمة فامتنع فكلمه عمر في ذلك فأبى فقال: والله ليمرن به ولو على بطنك. وهذا نظير قصة حديث أبي هريرة وعممه عمر في كل ما يحتاج الجار إلى الانتفاع به من جاره وأرضه. وذهب آخرون إلى أنه لا يجوز أن يضع خشبة إلا بإذن جاره فإن لم يأذن لم يجز. قالوا لان أدلة أنه لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيبة من نفسه تمنع هذا الحكم فهو للتنزيه وأجيب عنه بما قاله البيهقي:
لم نجد في السنن الصحيحة ما يعارض هذا الحكم إلا عمومات لا ينكر أن يخصها وقد حمله الراوي على ظاهره من التحريم وهو أعلم بالمراد بدليل قوله: ما لي أراكم عنها معرضين فإنه استنكار لاعراضهم دال على أن ذلك للتحريم. قال الخطابي معنى قوله: بين أكتافكم إن لم تقبلوا هذا الحكم وتعملوا به راضين لأجعلنها أي الخشبة على رقابكم كارهين: قال وأراد بذلك المبالغة. قلت: والذي يتبادر أن المراد لأرمين بها أي هذه السنة المأمور بها بينكم بلاغا لما تحملته منها وخروجا عن كتمها وإقامة الحجة عليكم بها.
وعن أبي حميد الساعدي رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله (ص):