" أنه اختصم إلى معاذ أخوان مسلم ويهودي مات أبوهما يهوديا فحاز ابنه اليهودي ميراثه فنازعه المسلم فورث معاذ المسلم. وأخرج ابن أبي شيبة من طريق عبد الله بن مغفل قال: ما رأيت قضاء أحسن من قضاء معاوية نرث أهل الكتاب ولا يرثوننا كما يحل لنا النكاح منهم ولا يحل لهم منا. وأجاب الجمهور بأن الحديث المتفق عليه نص في منع التوريث، وحديث معاذ ليس فيه دلالة على خصوصية الميراث إنما فيه الاخبار بأن دين الاسلام يفضل غيره من سائر الأديان ولا يزال يزداد ولا ينقص.
3 - (وعن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه في بنت وبنت ابن وأخت: قضى النبي صلى الله عليه وسلم للابنة النصف، ولابنة الابن السدس تكملة الثلثين، وما بقي فللأخت رواه البخاري).
فيه دلالة على أن الأخت مع البنت وبنت الابن عصبة تعطى بقية الميراث، وهو مجموع على أن الأخوات مع البنات عصبة. وقد أفتى أبو موسى أن للأخت النصف ثم أمر السائل أن يسأل ابن مسعود فقضى ابن مسعود بقضاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال أبو موسى لا تسألوني ما دام هذا الحبر فيكم. ضبط أئمة اللغة الحبر بكسر الحاء وفتحها ورواية المحدثين جميعا له بفتحها. قال أبو عبيد: هو العالم بتحبير الكلام وتحسينه وقيل سمي حبرا لما يبقى من أثر علومه - زاد الراغب - في قلوب الناس ومن آثار أفعاله الحسنة المقتدى بها.
4 - (وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله (ص):
لا يتوارث أهل ملتين رواه أحمد والأربعة إلا الترمذي وأخرجه الحاكم بلفظ أسامة وروى النسائي حديث أسامة بهذا اللفظ). والحديث دليل على أنه لا توارث بين أهل ملتين مختلفتين بالكفر أو بالاسلام والكفر. وذهب الجمهور إلى أن المراد بالملتين الكفر والإسلام فيكون كحديث لا يرث المسلم الكافر - الحديث. قالوا: وأما توريث ملل الكفر بعضهم من بعض فإنه ثابت ولم يقل بعموم الحديث للملل كلها إلا الأوزاعي فإنه قال: لا يرث اليهودي من النصراني ولا عكسه وكذلك سائر الملل. والظاهر من الحديث مع الأوزاعي وهو مذهب الهادوية والحديث مخصص للقرآن في قوله: * (يوصيكم الله في أولادكم) * فإنه عام في الأولاد فيخص منه الولد الكافر بأنه لا يرث من أبيه المسلم والقرآن يخص بأخبار الآحاد كما عرف في الأصول.
5 - (وعن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي (ص) فقال:
إن ابن ابني مات فما لي من ميراثه؟ فقال: لك السدس فلما ولى دعاه فقال: لك سدس آخر فلما ولى دعاه فقال: إن السدس الآخر طعمة رواه أحمد والأربعة وصححه الترمذي، وهو من رواية الحسن البصري عن عمران، وفي سماعه خلاف قيل: إنه لم يسمع منه. قال قتادة: لا أدري مع أي شئ ورثه، وقال: أقل شئ ورث الجد السدس. وصورة هذه المسألة أنه ترك الميت بنتين وهذا السائل - وهو الجد - فللبنتين الثلثان وبقي ثلث فدفع النبي (ص) إلى السائل السدس بالفرض لأنه فرض الجد هنا ولم يدفع إليه السدس