دخوله على المرأة وشق احتجابها عنه كحال سالم مع امرأة أبي حذيفة فمثل هذا الكبير الذي أرضعته للحاجة أثر رضاعه وأما من عداه فلا بد من الصغر اه. فإنه جمع بين الأحاديث حسن وإعمالها من غير مخالفة لظاهرها باختصاص ونسخ ولا إلغاء لما اعتبرته اللغة ودلت له الأحاديث.
4 - (وعنها) أي عن عائشة رضي الله عنها (أن أفلح) بفتح الهمزة ففاء آخره حاء مهملة مولى لرسول الله (ص) وقيل مولى لام سلمة (أخا أبي القعيس) بقاف مضمومة وعين وسين مهملتين بينهما مثناة تحتية (جاء يستأذن عليها بعد الحجاب قالت: فأبيت أن آذن له فلما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرته بالذي صنعت فأمرني أن آذن له على، وقال: إنه عمك متفق عليه) اسم أبي القعيس وائل بن أفلح الأشعري وقيل اسمه الجعد فعلى الأول يكون أخوه وافق اسمه اسم أبيه. قال ابن عبد البر: لا أعلم لأبي القعيس ذكرا إلا في هذا الحديث. والحديث دليل على ثبوت حكم الرضاع في حق زوج المرضعة وأقاربه كالمرضعة وذلك لان سبب اللبن هو ماء الرجل والمرأة معا فوجب أن يكون الرضاع منهما. كالجد لما كان سبب ولد الولد أوجب تحريم ولد الولد به لتعلقه بولده. لذلك قال ابن عباس في هذا الحكم: اللقاح واحد. أخرجه عنه ابن أبي شيبة فإن الوطئ يدر اللبن فللرجل منه نصيب. وإلى هذا ذهب الجمهور من الصحابة والتابعين وأهل المذاهب.
والحديث دليل واضح لمن ذهبوا إليه وفي رواية أبي داود زيادة تصريح حيث قالت: دخل علي أفلح فاستترت منه فقال: أتستترين مني وأنا عمك؟ قلت: من أين؟ قال: أرضعتك امرأة أخي قلت: إنما أرضعتني المرأة ولم يرضعني الرجل الحديث. وخالف في ذلك ابن عمرو ابن الزبير و رافع بن خديج وعائشة وجماعة من التابعين وابن المنذر وداود وأتباعه، فقالوا: لا يثبت حكم الرضاع للرجل لان الرضاع إنما هو للمرأة التي اللبن منها. قالوا ويدل عليه قوله تعالى: * (وأمهاتكم اللائي أرضعنكم) * (النساء: 23) وأجيب بأن الآية ليس فيها ما يعارض الحديث فإذ ذكر الأمهات لا يدل على أن ما عداهن ليس كذلك ثم إن دل بمفهومه فهو مفهوم لقب مطرح كما عرف في الأصول وقد استدلوا بفتوى جماعة من الصحابة بهذا المذهب ولا يخفى أنه لا حجة في ذلك وقد أطال بعض المتأخرين البحث في المسألة وسبقه ابن القيم في الهدي واستحسنه ابن تيمية والواضح ما ذهب إليه الجمهور.
5 - (وعنها) أي عائشة رضي الله عنها (قالت: كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن ثم نسخن بخمس معلومات فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهن فيما يقرأ من القرآن. رواه مسلم). يقرأ بضم حرف المضارعة، تريد أن النسخ يخمس رضاعات تأخر إنزاله جدا حتى إنه توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعض الناس يقرأ خمس رضعات ويجعلها قرآنا متلوا لكونه لم يبلغه النسخ لقرب عهده فلما بلغهم النسخ بعد ذلك رجعوا عن ذلك وأجمعوا على أنه لا يتلى. وهذا من نسخ التلاوة دون الحكم وهو أحد أنواع النسخ فإنه ثلاثة أقسام: نسخ التلاوة والحكم مثل عشر رضعات يحرمن. والثاني: نسخ التلاوة دون الحكم