صريحا فإن اليد الأمينة أيضا عليها ما أخذت حتى تؤدى ولذلك قلنا (وربما يفهم). ولم يبق دليل على تضمين العارية إلا قوله (ص) عارية مضمونة في حديث صفوان فإن وصفها بمضمونة يحتمل أنها صفة موضحة وأن المراد من شأنها الضمان فيدل على ضمانها مطلقا ويحتمل أنها صفة للتقييد وهو الأظهر لأنها تأسيس ولأنها كثيرة. ثم ظاهره أن المراد عارية قد ضمناها لك وحينئذ يحتمل أن يلزم ويحتمل أنه غير لازم بل كالوعد وهو بعيد فيتم الدليل بالحديث للقائل إنها تضمن - وهو الأظهر - بالتضمين إما بطلب صاحبها له أو بتبرع المستعير.
2 - (وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله (ص):
أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك رواه الترمذي وأبو داود وحسنه وصححه الحاكم واستنكره أبو حاتم الرازي وأخرجه جماعة من الحفاظ وهو شامل للعارية) والوديعة ونحوهما وأنه يجب أداء الأمانة كما أفاده قوله تعالى: * (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها) *. وقوله: لا تخن من خانك دليل على أنه لا يجازي بالإساءة من أساء وحمله الجمهور على أنه مستحب لدلالة قوله تعالى: * (وجزاء سيئة سيئة مثلها) * * (وإن عاقبتم) * على الجواز. وهذه هي المعروفة بمسألة الظفر وفيها أقوال للعلماء. هذا القول الأول وهو الأشهر من أقوال الشافعي وسواء كان من جنس ما أخذ عليه أو من غيره جنسه. والثاني: يجوز إذا كان من جنس ما أخذ عليه لا من غيره لظاهر قوله * (بمثل ما عوقبتم به) * وقوله: * (مثلها) * وهو رأي الحنفية والمؤيد. والثالث: لا يجوز ذلك إلا بحكم الحاكم لظاهر النهي في الحديث ولقوله تعالى: * (لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل) * وأجيب أنه ليس أكلا بالباطل والحديث يحمل فيه النهي على التنزيه. الرابع: لابن حزم أنه يجب عليه أن يأخذ بقدر حقه سواء كان من نوع ما هو له أو من غيره ويعينه ويستوفي حقه فإن فضل على ما هو له رده له أو لورثته وإن نقص بقي في ذمة من عليه الحق فإن لم يفعل ذلك فهو عاص لله عز وجل إلا أن يحلله ويبرئه فهو مأجور فإن كان الحق الذي له لا بينة له عليه وظفر بشئ من مال من عنده له الحق أخذه فإن طولب أنكر فإن استحلف حلف وهو مأجور في ذلك. قال: وهذا هو قول الشافعي وأبي سليمان وأصحابهما وكذلك عندنا كل من ظفر لظالم بمال ففرض عليه أخذه وإنصاف المظلوم منه واستدل بالآيتين بقوله تعالى: * (ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل) * وبقوله تعالى: * (والذين إذا أصابهم