إلى عدم ثبوت الخيار بالغبن لعموم أدلة البيع ونفوذه من غير تفرقة بين الغبن أولا، قالوا:
وحديث الباب إنما كان الخيار فيه لضعف عقل ذلك الرجل إلا أنه ضعف لم يخرج به عن حد التمييز فتصرفه كتصرف الصبي المأذون له ويثبت به الخيار مع الغبن. قلت: ويدل لضعف عقله ما أخرجه أحمد وأصحاب السنن من حديث أنس بلفظ: إن رجلا كان يبايع وكان في عقله أي إدراكه - ضعف. ولأنه لقنه صلى الله عليه وسلم بقوله: " لا خلابة " اشتراط عدم الخداع فكان شراؤه وبيعه مشروطا بعدم الخداع ليكون من باب خيار الشرط. قال ابن العربي: إن الخديعة في هذه القصة يحتمل أن تكون في العيب أو في الملك أفي الثمن أو في العين فلا يحتج بها في الغبن بخصوصه وهي خاصة لا عموم فيها.
قلت: في رواية ابن إسحاق أنه شكا إلى النبي (ص) ما يلقى من الغبن وهي ترد ما قاله ابن العربي. وقال بعضهم: إنه إذا قال الرجل البائع أو المشتري لا خلابة ثبت الخيار وإن لم يكن فيه غبن. ورد بأنه مقيد بما في الرواية أنه كان يغبن. وأثبت الهادوية الخيار بالغبن في صورتين، الأولى: من تصرف عن الغير. والثانية: في الصبي المميز محتجين بهذا الحديث. وهو دليل لهم على الصورة الثانية إذا ثبت أنه كان في عقله ضعف دون الأولى باب الربا الربا - بكسر الراء مقصورة - من ربا يربو، ويقال الرماء - بالميم والمد - بمعناه. والربية - بضم الراء والتخفيف - وهو الزيادة، ومنه قوله تعالى (اهتزت وربت) ويطلق الربا على كل بيع محرم وقد أجمعت الأمة على تحريم الربا في الجملة وإن اختلفوا في التفاصيل. والأحاديث النهي عنه وذم فاعله ومن أعانه كثيرة جدا وردت بلعنه ومنها:
1 - (عن جابر رضي الله عنه قال: لعن رسول الله (ص) آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه وقال: هم سواء رواه مسلم. وللبخاري نحوه من حديث أبي جحيفة) أي دعا على المذكورين بالابعاد عن الرحمة. وهو دليل على إثم من ذكر وتحريم ما تعاطوه وخص الأكل لأنه الأغلب في الانتفاع وغيره مثله، والمراد من موكله الذي أعطى الربا لأنه ما تحصل الربا إلا منه فكان داخلا في الاثم. وإثم الكاتب والشاهدين لإعانتهم على المحظور وذلك إذا قصدا وعرفا بالربا وورد في رواية لعن الشاهد بالافراد على إرادة الجنس: فإن قلت حديث: اللهم ما لعنت من لعنة فاجعلها رحمة أو نحوه وفي لفظ: ما لعنت فعلى من لعنت يدل على أنه لا يدل اللعن منه صلى الله عليه وسلم على التحريم وأنه لم يرد به حقيقة الدعاء على من أوقع عليه اللعن؟ قلت: