وقوله استوفى منه أي استكمل منه العمل ولم يعطه الأجرة فهو أكل لماله بالباطل مع تعبه وكده.
7 - (وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله (ص) قال: إن أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله أخرجه البخاري). وقد عارضه ما أخرجه أبو داود من حديث عبادة بن الصامت ولفظه: علمت ناسا من أهل الصفة الكتاب والقرآن فأهدى إلي رجل منهم قوسا فقلت: ليست لي بمال فأرمي عليها في سبيل الله فأتيته فقلت: يا رسول الله أهدي إلي قوسا ممن كنت أعلمه الكتاب والقرآن وليست لي بمال فأرمي عليها في سبيل الله. فقال: إن كنت تحب أن تطوق طوقا من نار فاقبلها " فاختلف في العمل بالحديثين: فذهب الجمهور ومالك والشافعي إلى جواز أخذ الأجرة على تعليم القرآن سواء كان المتعلم صغيرا أو كبيرا ولو تعين تعليمه على المعلم عملا بحديث ابن عباس ويؤيده ما يأتي في النكاح من جعله (ص) تعليم الرجل لامرأته القرآن مهرا لها. قالوا:
وحديث عبادة لا يعارض حديث ابن عباس إذ حديث ابن عباس صحيح وحديث عبادة في رواته مغيرة بن زياد مختلف فيه واستنكر أحمد حديثه وفيه الأسود بن ثعلبة فيه مقال فلا يعارض الحديث الثابت. قالوا: ولو صح فإنه محمول على أن عبادة كان متبرعا بالاحسان وبالتعليم غير قاصد لاخذ الأجرة فحذره النبي (ص) من إبطال أجره وتوعده. وفي أخذ الأجرة من أهل الصفة بخصوصهم كراهة ودناءة لأنهم ناس فقراء كانوا يعيشون بصدقة الناس فأخذ المال منهم مكروه. وذهب الهادوية والحنفية وغيرهما إلى تحريم أخذ الأجرة على تعليم القرآن مستدلين بحديث عبادة وفيه ما عرفت فيه قريبا. نعم استطرد البخاري ذكر أخذ الأجرة على الرقية في هذا الباب فأخرج من حديث أبي سعيد في رقية بعض الصحابة لبعض العرب وأنه لم يرقه حتى شرط عليه قطيعا من غنم فتفل عليه وقرأ عليه * (الحمد لله رب العالمين) * فكأنما نشط من عقال فانطلق يمشي وما به قلبة أي علة فأوفاه ما شرط ولما ذكروا ذلك لرسول الله قال:
قد أصبتم اقسموا واضربوا لي معكم سهما. وذكر البخاري لهذه القصة في هذا لباب وإن لم تكن من الأجرة على التعليم وإنما فيها دلالة على جواز أخذ العوض فمقابلة قراءة القرآن لتأييد جواز أخذ الأجرة على قراءة القرآن تعليما أو غيره، إذ لا فرق بين قراءته للتعليم وقراءته للطب.
8 - (عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله (ص):
أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه رواه ابن ماجة. وفي الباب عن أبي هريرة عند أبي يعلى والبيهقي وجابر عند الطبراني وكلها ضعاف). لان في حديث ابن عمر شرقي