الطلاق إلى الأحكام الخمسة فالحرام الطلاق البدعي والمكروه الواقع بغير سبب مع استقامة الحال وهذا هو القسم المبغوض مع حله.
2 - (وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنه طلق امرأته وهي حائض في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأل عمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال: مره فليراجعها ثم ليمسكها حتى تظهر ثم تحيض ثم تطهر ثم إن شاء أمسك بعد وإن شاء طلق قبل أن يمس فتلك العدة التي أمر الله عز وجل أن تطلق لها النساء متفق عليه). في قوله: مره فليراجعها دليل على أن الآمر لابن عمر بالمراجعة النبي صلى الله عليه وسلم فإن عمر مأمور بالتبليغ عن النبي صلى الله عليه وسلم إلى ابنه بأنه مأمور بالمراجعة. فهو نظير قوله تعالى: * (قل لعبادي الذين آمنوا يقيموا الصلاة) * فإنه صلى الله عليه وسلم مأمور بأن يأمرنا بإقامة الصلاة فنحن مأمورون من الله تعالى. وابن عمر كذلك مأمور من النبي (ص) فلا يتوهم أن هذه المسألة من باب مسألة هل الامر بالأمر بالشئ أمر بذلك الشئ. وإنما تلك المسألة مثل قوله (ص): مروا أولادكم بالصلاة لسبع الحديث لا مثل هذه. وإذا عرفت أنه مأمور منه صلى الله عليه وسلم بالمراجعة فهل الامر للوجوب فتجب الرجعة أم لا؟ ذهب إلى الأول مالك وهو رواية عن أحمد، وصحح صاحب الهداية من الحنفية وجوبها وهو قول داود ودليلهم الامر بها. قالوا: فإذا امتنع الرجل منها أدبه الحاكم فإن أصر على الامتناع ارتجع الحاكم عنه. وذهب الجمهور إلى أنها مستحبة فقط قالوا: لان ابتداء النكاح لا يجب فاستدامته كذلك فكان القياس قرينة على أن الامر للندب. وأجيب بأن الطلاق لما كان محرما في الحيض كان استدامة النكاح فيه واجبة. وفي قوله: حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر دليل على أنه لا يطلق إلا في الطهر الثاني دون الأول. وقد ذهب إلى تحريم الطلاق فيه مالك وهو الأصح عند الشافعية وذهب أبو حنيفة إلى أن الانتظار إلى الطهر الثاني مندوب وكذا عن أحمد مستدلين بقوله: (وفي رواية لمسلم) أي عن ابن عمر: (مره فليراجعها ثم ليطلقها طاهرا أو حاملا). فأطلق الطهر ولان التحريم إنما كان لأجل الحيض فإذا زال: زال موجب التحريم فجاز طلاقها في هذا كما جاز في الذي بعده وكما يجوز في الطهر الذي لم يتقدمه طلاق في حيضة ولا يخفى قرب ما قالوه. وفي قوله: قبل أن يمس دليل على أنه إذا طلق في الطهر بعد المس فإنه طلاق بدعي محرم وبه صرح الجمهور. وقال بعض المالكية:
إنه يجبر على الرجعة فيه كما إذا طلق وهي حائض. وفي قوله: ثم تطهر وقوله: طاهرا خلاف للفقهاء هل المراد به انقطاع الدم؟ أو لا بد من الغسل؟ فعن أحمد روايتان والراجح أنه لا بد من اعتبار الغسل لما مر في رواية النسائي: فإذا اغتسلت من حيضتها الأخرى فلا يمسها حتى يطلقها وإن شاء أن يمسكها أمسكها وهو مفسر لقوله (طاهرا). وقوله (ثم تطهر) وقوله (تلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء) أي أذن في قوله: * (فطلقوهن لعدتهن) *.