قالوا لتفاوتهما في الدية ولأنه تعالى قال: * (والجروح قصاص) *. ورد بأن التفاوت في الدية لا يوجب التفاوت في النفس ولذا يقتل عبد قيمته ألف بعبد قيمته عشرون وقد وقعت المساواة في القصاص لان المراد بالمساواة في الجروح أن لا يزيد المقتص على موقع فيه من الجرح.
المسألة الثالثة: أن يكون القود بمثل ما قتل به وإلى هذا ذهب الجمهور وهو الذي يستفاد من قوله تعالى: * (وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به) * وقوله: * (فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم) * وبما أخرجه البيهقي من حديث البراء عنه (ص): من غرض غرضنا له ومن حرق حرقناه ومن غرق غرقناه أي من اتخذه غرضا للسهام. وهذا يقيد بما إذا كان السبب الذي قتل به يجوز فعله. وأما إذا كان لا يجوز فعله كمن قتل بالسحر فإنه لا يقتل به لأنه محرم وفيه خلاف، قال بعض الشافعية: إذا قتل باللواط أو بإيجار الخمر أنه يدس فيه خشبة ويوجر الخل وقيل يسقط اعتبار المماثلة. وذهب الهادوية والكوفيون وأبو حنيفة وأصحابه إلى أنه لا يكون الاقتصاص إلا بالسيف واحتجوا بما أخرجه البزار وابن عدي من حديث أبي بكرة عنه (ص) أنه قال: لا قود إلا بالسيف إلا أنه ضعيف قال ابن عدي: طرقه كلها ضعيفة. واحتجوا بالنهي عن المثلة وبقوله (ص): إذا قتلتم فأحسنوا القتلة. وأجيب بأنه مخصص بما ذكر. وفي قوله: فأقر دليل على أنه يكفي الاقرار مرة واحدة إذ لا دليل على أنه كرر الاقرار.
8 - (وعن عمران بن حصين رضي الله عنه: أن غلاما لأناس فقراء قطع أذن غلام لأناس أغنياء، فأتوا النبي (ص) فلم يجعل لهم شيئا رواه أحمد والثلاثة بإسناد صحيح). الحديث فيه دليل على أنه لا غرامة على الفقير إلا أنه قال البيهقي: إن كان المراد بالغلام فيه المملوك فإجماع أهل العلم أن جناية العبد في رقبته. فهو يدل والله أعلم أن جنايته كانت خطأ وأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما لم يجعل عليه شيئا لأنه التزم أرش جنايته فأعطاه من عنده متبرعا بذلك. وقد حمله الخطابي على أن الجاني كان حرا وكانت الجناية خطأ وكانت عاقلته فقراء فلم يجعل عليهم شيئا إما لفقرهم وإما لأنه لا يعقلون الجناية الواقعة على العبد إن كان المجني عليه مملوكا - كما قال البيهقي. وقد يكون الجاني غلاما حرا غير بالغ وكانت جنايته عمدا فلم يجعل علي في الحال أو رآه على عاقلته فوجدهم فقراء فلم يجعله عليه لكون جنايته في حكم الخطأ ولا عليهم لكونهم فقراء والله أعلم انتهى.
وقوله: ولم يجعل أرشها على عاقلته هذا مذهب الشافعي أن عمد الصغير يكون في ماله ولا تحمله العاقلة وقوله: أو رآه على عاقلته يعني مع احتمال أنه خطأ وهذا اتفاق، ومع احتمال أنه عمد كما ذهب إليه الهادوية وأبو حنيفة ومالك.
9 - (وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رجلا طعن رجلا بقرن في ركبته، فجاء إلى النبي (ص) فقال أقدني، فقال:
حتى تبرأ ثم جاء إليه فقال: أقدني فأقاده ثم جاء إليه فقال: يا رسول الله عرجت، فقال: قد نهيتك فعصيتني فأبعدك الله وبطل عرجك ثم نهى رسول الله (ص) أن يقتص من