الجار أحق بصقبه) بالصاد المهملة مفتوحة وفتح القاف: القرب (أخرجه البخاري.
وفيه قصة). وهي أنه قال أبو رافع للمسور بن مخرمة: ألا تأمر هذا - يشير إلى سعد أن يشتري مني بيت اللذين في داره فقال له سعد: والله لا أزيدك على أربعمائة دينار مقطعة أو منجمة فقال أبو رافع: سبحان الله لقد منعتهما من خمسمائة نقدا فلولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الجار أحق بصقبه ما بعتك. والحديث وإن كان ذكره أبو رافع في البيع فهو يعم الشفعة فذهب إلى ثبوتها الهادوية والحنفية وآخرون لهذه الأحاديث ولغيرها كحديث الشريد بن سويد قال: قلت: يا رسول الله أرض لي ليس لأحد فيها شرك ولا قسم إلا الجوار قال: الجار أحق بصقبه أخرجه ابن سعد عن عمرو بن شعيب عن الشريد وحديث جابر الآتي. وذهب والشافعي وأحمد وإسحاق وغيرهم إلى أنه لا شفعة بالجوار. قالوا: والمراد بالجار في الحديث الشريك، قالوا ويدل على أن المراد به ذلك حديث أبي رافع فإنه سمى الخليط جارا واستدل بالحديث وهو من أهل اللسان وأعرف بالمراد والقول بأنه لا يعرف في اللغة تسمية الشريك جارا غير صحيح فإن كل شئ قارب شيئا فهو جار. وأجيب بأن أبا رافع غير شريك لسعد بل جار له لأنه كان يملك بيتين في دار سعد لا أنه كان يملك شقصا شائعا من منزل سعد. واستدلوا أيضا بما سلف من أحاديث الشفعة للشريك وقوله: إذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة ونحوه من الأحاديث التي فيها حصر الشفعة قبل القسمة. وأجيب عنها بأن غاية ما فيها إثبات الشفعة للشريك من غير تعرض للجار لا بمنطوق ولا مفهوم. ومفهوم الحصر في قوله: إنما جعل النبي (ص) الشفعة الحديث إنما هو فيما قبل القسمة للمبيع بين المشتري والشريك فمدلوله أن القسمة تبطل الشفعة وهو صريح رواية وإنما جعل النبي صلى الله عليه وسلم الشفعة في كل ما لم يقسم. وأحاديث إثبات الشفعة للخليط لا تبطل ثبوتها للجار بعد قيام الأدلة عليها التي منها ما سلف ومنها الحديث الآتي:
4 - (وعن جابر رضي الله عنه قال: رسول الله (ص):
الجار أحق بشفعة جاره ينتظر بها وإن كان غائبا إذا كان طريقهما واحدا.
رواه أحمد والأربعة ورجاله ثقات). أحسن المصنف بتوثيق رجاله وعدم إعلاله وإلا فإنهم قد تكلموا في هذه الرواية بأنه انفرد بزيادة قوله: إذا كان طريقهما واحدا عبد الملك بن أبي سليمان العرزمي. قلت: وعبد الملك ثقة مأمون لا يضر انفراده كما عرف في الأصول وعلوم الحديث. والحديث من أدلة شفعة الجار إلا أنه قيده بقوله: إذا كان طريقهما واحدا وقد ذهب إلى اشتراط هذا بعض العلماء قائلا بأنها تثبت الشفعة للجار إذا اشتركا في الطريق. قال في الشرح: ولا يبعد اعتباره أما من حيث الدليل فللتصريح به في حديث جابر هذا. ومفهوم الشرط أنه إذا كان مختلفا فلا شفعة. وأما من حيث التعليل فلان شرعية الشفعة لمناسبة دفع الضرر والضرر بحسب الأغلب إنما يكون مع شدة الاختلاط وشبكة الانتفاع وذلك إنما هو مع الشريك في الأصل أو في الطريق ويندر الضرر مع