ببعض الأرض الموات فيختص بها ويصير أولى بها بإحيائه ممن لم يسبق إليها بالاحياء واختصاص الاحياء بالموات متفق عليه في كلام الشافعية والهادوية وغيرهم. وحكى القاضي عياض: أن الاقطاع تسويغ الامام من مال الله شيئا لمن يراه أهلا لذلك. قال: وأكثر ما يستعمل في الأرض وهو أن يخرج منها لمن يراه ما يحوزه إما بأن يملكه إياه فيعمره وإما بأن يجعل له غلتها مدة. قال السبكي والثاني: هو الذي يسمى في زماننا هذا إقطاعا ولم أر أحدا من أصحابنا ذكره، وتخريجه على طريقة فقهية مشكل والذي يظهر أنه يحصل للمقطع بذلك اختصاص كاختصاص المتحجر ولكنه لا يملك الرقبة بذلك انتهى. وبه جزم المحب الطبري.
وادعى الأوزاعي نفي الخلاف في جواز تخصيص الامام بعض الجند بغلة أرض إذا كان مستحقا لذلك. قال ابن التين: إنما يسمى إقطاعا إذا كان من أرض أو عقار وإنما يقطع من الفئ ولا يقطع من حق مسلم ولا معاهد. قال: وقد يكون الاقطاع تمليكا وغير تمليك. وأما ما يقطع في أرض اليمن في هذه الأزمنة المتأخرة من إقطاع جماعة من أعيان الآل قرى من البلاد العشرية يأخذون زكاتها وينفقونها على أنفسهم مع غناهم فهذا شئ محرم لم تأت به الشريعة المحمدية بل أتت بخلافه وهو تحريم الزكاة على آل محمد وتحريمها على الأغنياء من الأمة فإنا لله وإنا إليه راجعون.
8 - (وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أن النبي (ص) أقطع الزبير حضر) بضم الحاء المهملة وسكون الضاد المعجمة فراء (فرسه) أي ارتفاع الفرس في عدوه (فأجرى الفرس حتى قام ثم رمى بسوطه فقال: أعطوه حيث بلغ السوط رواه أبو داود وفيه ضعف) لان فيه العمري المكبر وهو عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب وفيه مقال. وأخرجه أحمد من حديث أسماء بنت أبي بكر وفيه أن الاقطاع كان من أموال بني النضير. قال في البحر: وللامام إقطاع الموات لاقطاع النبي صلى الله عليه وسلم الزبير حضر فرسه ولفعل أبي بكر وعمر.
9 - (وعن رجل من الصحابة قال: غزوت مع النبي صلى الله عليه وسلم فسمعته يقول: الناس شركاء في ثلاثة: في الكلأ) مهموز ومقصور (والماء والنار رواه أحمد وأبو داود ورجاله ثقات). وروى ابن ماجة من حديث أبي هريرة مرفوعا: ثلاث لا يمنعن: الكلأ والماء والنار وإسناده صحيح. وفي الباب روايات كثيرة لا تخلو عن مقال، ولكن الكل ينهض على الحجية. ويدل للماء بخصوصه أحاديث في مسلم وغيره. والكلأ النبات رطبا كان أو يابسا وأما الحشيش والهشيم فمختص باليابس وأما الخلا مقصور غير مهموز فيختص بالرطب ومثله العشب. والحديث دليل على عدم اختصاص أحد من الناس بأحد الثلاثة وهو إجماع في الكلأ في الأرض المباحة والجبال التي لم يحرزها أحد فإنه لا يمنع من أخذ كلئها أحد إلا ما حماه الامام كما سلف. وأما النابت في الأرض المملوكة والمتحجرة