عليه دين فليس له أن يتصدق ولا يعتق وفيه بعد. وفي الحديث الحث على حسن النية والترهيب عن خلافه وبيان أن مدار الأعمال عليها وأن من استدان ناويا الايفاء أعانه الله عليه. وقد كان عبد الله بن جعفر يرغب في الدين فيسأل عن ذلك فقال سمعت رسول الله (ص) يقول: إن الله مع الدائن حتى يقضى دينه رواه ابن ماجة والحاكم وإسناده حسن إلا أنه اختلف فيه على محمد بن علي، ورواه الحاكم من حديث عائشة بلفظ: ما من عبد كانت له نية في وفاء دينه إلا كان له من الله عون قالت - يعني عائشة:
فأنا ألتمس ذلك العون. فإن قلت: قد ثبت حديث: (إنه يغفر للشهيد كل ذنب إلا الدين) وحديث: الآن بردت جلدته قاله لمن أدى دينا عن ميت مات عليه دين. قلت: يحتمل أن معنى لا يغفر للشهيد الدين أنه باق عليه حتى يوفيه الله عنه يوم القيامة ولا يلزم من بقائه عليه أن يعاقب في قبره ومعنى قوله: بردت جلدته خلصته من بقاء الدين عليه ويحتمل أن ذلك فيمن استدان ولم ينو الوفاء.
4 - (وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت: يا رسول الله إن فلانا قدم له بز من الشام فلو بعثت إليه فأخذت منه ثوبين نسيئة إلى ميسرة، فبعث إليه فامتنع. أخرجه الحاكم والبيهقي ورجاله ثقات). فيه دليل على بيع النسيئة وصحة التأجيل إلى ميسرة وفيه ما كان عليه (ص) من حسن معاملة العباد وعدم إكراههم على الشئ وعدم الالحاح عليهم.
وهذه من باب الا رهن وهو لغة الاحتباس من قولهم رهن الشئ إذا دام وثبت، ومنه - كل نفس بما كسبت رهينة - وفي الشرع جعل مال وثقة على دين ويطلق على العين المرهونة. 5 - (وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله (ص):
الظهر يركب) بالبناء للمفعول ومثله يشرب (بنفقته إذا كان مرهونا ولبن الدر) بفتح الدال المهملة وتشديد الراء وهو اللبن تسمية بالمصدر قيل هو من إضافة الشئ إلى نفسه وقيل من إضافة الموصوف إلى صفته (يشرب بنفقته إذا كان مرهونا، وعلى الذي يركب ويشرب النفقة رواه البخاري). فاعل يركب ويشرب هو المرتهن بقرينة العوض وهو الركوب وإن كان يحتمل أنه الراهن إلا أنه احتمال بعيد لان النفقة لازمة له فإن المرهون ملكه وقد جعلت في الحديث على الراكب والشارب وهو غير المالك إذ النفقة لازمة للمالك على كل حال. والحديث دليل على أنه يستحق المرتهن الانتفاع بالرهن في مقابلة نفقته وفي المسألة ثلاثة أقوال: الأول: ذهب أحمد وإسحاق إلى العمل بظاهر الحديث وخصوا ذلك بالركوب والدر فقالوا ينتفع بهما بقدر قيمة النفقة ولا يقاس غيرهما عليهما.
والثاني: للجمهور قالوا: لا ينتفع المرتهن بشئ قالوا: والحديث خالف القياس من وجهين أولهما تجويز الركوب والشرب لغير المالك بغير إذنه وثانيهما تضمينه ذلك بالنفقة لا بالقيمة قال ابن عبد البر: هذا الحديث عند جمهور الفقهاء ترده أصول مجمع عليها وآثار ثابتة لا يختلف في صحتها ويدل على نسخه حديث ابن عمر: لا تحلب ماشية امرئ بغير إذنه أخرجه