10 (وعن أبي جحيفة قال: قال رسول الله (ص): لا آكل متكئا رواه البخاري). الاتكاء مأخوذ من الوكاء والتاء بدل الواو والوكاء: هو ما يشد به الكيس أو غيره فكأنه أوكأ مقعدته ويشدها بالقعود على الوطاء الذي تحته ومعناه الاستواء على وطاء متمكنا. قال الخطابي: المتكئ هنا هو المتمكن في جلوسه من التربع وشبهه المعتمد على الوطاء تحته قال: ومن استوى قاعدا على وطاء فهو متكئ. والعامة لا تعرف المتكئ إلا من مال على أحد شقيه ومعنى الحديث: إذا أكلت لا أقعد متكئا كفعل من يريد الاستكثار من الأكل ولكن آكل بلغة فيكون قعودي مستوفزا. ومن حمل الاتكاء على الميل على أحد الشقين، تأول ذلك على مذهب أهل الطب بأن ذلك فيه ضرر فإنه لا ينحدر في مجاري الطعام سهلا ولا يسيغه هنيئا وربما تأذى به.
11 - (وعن عمر بن أبي سلمة قال: قال لي رسول الله (ص): يا غلام سم الله، وكل بيمينك، وكل مما يليك متفق عليه). الحديث دليل على وجوب التسمية للامر بها وقيل: إنها مستحبة في الأكل ويقاس عليه الشرب. قال العلماء:
ويستحب أن يجهر بالتسمية ليسمع غيره وينبهه عليها فإن تركها لأي سبب نسيان أو غيره في أول الطعام فليقل في أثنائه: بسم الله أوله وآخره، لحديث أبي داود والترمذي وغيرهما:
قال الترمذي: حسن صحيح أنه صلى الله عليه وسلم قال: إذا أكل أحدكم فليذكر اسم الله فإن نسي أن يذكر الله في أوله فليقل بسم الله أوله وآخره. وينبغي أن يسمي كل واحد من الآكلين فإن سمى واحد فقط فقد حصل بتسميته السنة، قاله الشافعي. ويستدل له بأنه صلى الله عليه وسلم أخبر أن الشيطان يستحل الطعام الذي لم يذكر اسم الله عليه فإن ذكره واحد من الآكلين صدق عليه أنه ذكر اسم الله عليه. وفي الحديث دليل على وجوب الأكل باليمين للامر به أيضا ويزيده تأكيدا: أنه صلى الله عليه وسلم أخبر بأن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله وفعل الشيطان يحرم على الانسان. ويزيده تأكيدا: أن رجلا أكل عنده (ص) بشماله فقال: كل بيمينك فقال لا أستطيع قال:
لا استطعت ما منعه إلا الكبر فما رفعها إلى فيه. أخرجه مسلم ولا يدعو صلى الله عليه وسلم إلا على من ترك الواجب. وأما كون الدعاء لتكبره فهو محتمل أيضا ولا ينافي أن الدعاء عليه للامرين معا. وفي قوله: وكل مما يليك دليل أنه يجب الأكل مما يليه وأنه ينبغي حسن العشرة للجليس وأن لا يحصل من الانسان ما يسوء جليسه مما فيه سوء عشرة، وترك مروءة. فقد يتقذر جليسه ذلك لا سيما في الثريد والامراق ونحوها إلا في مثل الفاكهة. فإنه قد أخرج الترمذي وغيره من حديث عكرا ش بن ذؤيب قال: أتينا بجفنة كثيرة الثريد والوذر وهو بفتح الواو وفتح الذال المعجمة فراء جمع وذرة قطعة من اللحم لا عظم فيها فخبطت بيدي في نواحيها وأكل رسول الله صلى الله عليه وسلم من بين يديه فقبض بيده اليسرى على يدي اليمنى ثم قال: يا عكراش كل من موضع واحد فإنه طعام واحد ثم أتينا بطبق فيه ألوان التمر فجعلت آكل من بين يدي وجالت يد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الطبق. فقال: