وأخرج ابن حبان وبن ماجة عنه صلى الله عليه وسلم (إنما البيع عن تراض) ولما كان الرضا أمرا خفيا لا يطلع عليه وجب تعلق الحكم بسبب ظاهر يدل عليه وهر الصيغة ولابد أن يكون على صيغة الجزم لفظها لتم معرفة الرضا، وقد استثنى المحقر من ذلك لجرى عادة المسلمين فيه بالدخول من غير لفظ وهذا عند الجماهير من علماء الأمة، وذهبت الشافعية إلى أنه لا بد من اللفظين كغيره، وقد اختار النووي وأكثر المتأخرين من الشافعية عد اشتراط العقد في المحقر. والمحقر ما دون ربع المثقال، وقيل التافه من البقول والرطب والخبر، وقيل ما دون نصاب الرقة والأشبه اتباع العرف. ثم الحق أنه لم يتم دليل على اشتراط الايجاب والقبول بل حقيقة البيع المبادلة الصادرة عن تراض كما أفادت الآية والحديث، نعم الرضا أمر خفى يناط بقرائن منها الايجاب والقبول، ولا ينحصر فيهما بل متى انسلخت النفس عن المبيع والثمن بأي لفظ كان. وعلى هذا معاملات الناس قديما وحديثا إلا عن عرف المذاهب وخاف نقض الحاكم للبيع لاحظ الايجاب والقبول.
باب شروطه وما نهى عنه يعنى بالشروط البيع. والشرط في عرف الفقهاء ما يلزم من عدمه عدم حكم أو سبب سواء علق بكلمة شرط أولا. وله في عرف النحاة معنى آخر. وقد جعلوا شروط البيع أنواعا: منها في العاقد، وهو أن يكون عاقلا مميزا. ومنها في الآلة، وهو أن يكون بلفظ الماضي. ومنها في الحمل، وهو أن يكون مالا متقوما وأن يكون مقدور التسليم. ومنها التراضي ومنها شرط النفاذ، وهو الملك أو الولاية، وقوله (وما نهى عنه) أي من البيوع وستأتي الأحاديث في الذي نهى عن بيعه.
1 - (عن رفاعة بن برافع) هو زرقي أنصاري شهد بدرا، وأبو رافع أحد النقباء الاثني عشر، وكان أول من قدم المدينة بسورة يوسف. وشهد رفاعة المشاهدة كلها، وشهد مع علي الجمل وصفين. وتوفى أول زمن معاوية (أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل أي الكسب أطيب؟ قال: عمل الرجل بيده) ومثله المرأة (وكل بيع مبرور) هو ما خلص عن اليمين الفاجرة لتنفيق السلعة وعن الغش في المعاملة (رواه البزار وصححه الحاكم) ورواه المصنف في التخليص عن رافع بن خديج ومثله في المشكاة عزاه لأحمد، وأخرجه السيوطي في الجامع أيضا عن رافع ذكره في مسنده قيل ويحتمل أنه أريد برفاعة رفاعة بن رافع ابن خديج، فقد رواه الطبراني عن عباية بن رافع بن خديج عن أبيه عن جده، وعباية ابن خديج، بن رافع بن خديج فيكون سقط من لمصنف قوله عن أبيه. والحديث دليل على تقرير ما جبلت عليه الطبائع من كسب المكاسب، إنما سئل صلى الله عليه وسلم عن أطيبها: أي أحلها وأبركها. وتقديم عمل اليد على البيع المبرور دال على أنه الأفضل، ويدل له حديث البخاري الآتي، ودل على أطيبية التجارة الموصوفة. وللعلماء خلاف في أفضل