من أتى امرأة في دبرها رواه أبو داود والنسائي واللفظ له، ورجاله ثقات، لكن أعل بالارسال). روي هذا الحديث بلفظه من طرق كثيرة عن جماعة من الصحابة منهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه وعمر وخزيمة وعلي بن طلق وطلق بن علي وابن مسعود وجابر وابن عباس وابن عمر والبراء وعقبة بن عامر وأنس وأبو ذر وفي طرقة جميعها كلام ولكنه مع كثرة الطرق واختلاف الرواة يشد بعض طرقه بعضا. ويدل على تحريم إتيان النساء في أدبارهن وإلى هذا ذهبت الأمة - إلا القليل - للحديث. هذا ولان الأصل تحريم المباشرة إلا ما أحله الله ولم يحل تعالى إلا القبل كما دل له قوله: * (فاتوا حرثكم أنى شئتم) * وقوله: * (فأتوهن من حيث أمركم الله) *. فأباح موضع الحرث والمطلوب من الحرث نبات الزرع فكذلك النساء الغرض من إتيانهن هو طلب النسل لا قضاء الشهوة وهو لا يكون إلا في القبل فيحرم ما عدا موضع الحرث ولا يقاس عليه غيرة لعدم المشابهة في كونه محلا للزرع. وأما حل الاستمتاع فيما عدا الفرج فمأخوذ من دليل آخر وهو جواز مباشرة الحائض فيما عدا الفرج وذهبت الإمامية إلى جواز إتيان الزوجة والأمة بل المملوك في الدبر. وروي عن الشافعي أنه قال:
لم يصح في تحليله ولا تحريمه شئ والقياس أنه حلال، ولكن قال الربيع: والله الذي لا إله إلا هو لقد نص الشافعي على تحريمه في ستة كتب ويقال: إنه كان يقول بحله في القديم.
وفي الهدي النبوي عن الشافعي أنه قال: لا أرخص فيه بل أنهى عنه وقال: إن من نقل عن الأئمة إباحته فقد غلط عليهم أفحش الغلط وأقبحه وإنما الذي أباحوه أن يكون الدبر طريقا إلى الوطئ في الفرج فيطأ من الدبر لا في الدبر فاشتبه على السامع انتهى. ويروى جواز ذلك عن مالك وأنكره أصحابه وقد أطال الشارح القول في المسألة بما لا حاجة إلى استيفائه هنا وقرر آخرا تحريم ذلك، ومن أدلة تحريمه قوله:
2 - (وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله (ص): لا ينظر الله إلى رجل أتى رجلا أو امرأة في دبرها رواه الترمذي والنسائي وابن حبان وأعل بالوقف) على ابن عباس، ولكن المسألة لا مسرح للاجتهاد فيها سيما ذكر هذا النوع من الوعيد فإنه لا يدرك بالاجتهاد فله حكم الرفع.
3 - (وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره واستوصوا بالنساء خيرا فإنهن خلقن من ضلع) بكسر الضاء المعجمة وفتح اللام وإسكانها واحد الأضلاع (وإن أعوج شئ من الضلع أعلاه فإن ذهبت تقيمه كسرته وإن تركته لم يزل أعوج فاستوصوا بالنساء خيرا) أي اقبلوا الوصية فيهن والمعنى أني أوصيكم بهن خيرا أو المعنى يوصي بعضكم بعضا فيهن خيرا (متفق عليه واللفظ للبخاري، ولمسلم: