والطبري وكثيرون أو قال الأكثرون: الوصل ممنوع بكل شئ سواء وصلته بصوف أو حرير أو خرق. واحتجوا بحديث مسلم عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم: زجر أن تصل المرأة برأسها شيئا. وقال الليث بن سعد: النهم مختص بالوصل بالشعر ولا بأس بوصله بصوف أو خرق وغير ذلك. وقال بعضهم: يجوز بكل شئ وهو مروي عن عائشة ولا يصح عنها. قال القاضي: وأما ربط خيوط الحرير الملونة ونحوها مما لا يشبه الشعر فليس بمنهي عنه لأنه ليس بوصل ولا لمعنى مقصود من الوصل وإنما هو للتجمل والتحسين انتهى ومراده من المعنى المناسب هو ما في ذلك من الخداع للزوج فما كان لونه مغايرا للون الشعر فلا خداع فيه.
11 - (وعن جذامة بنت وهب رضي الله عنها) بضم الجيم وذال معجمة ويروى بالدال المهملة قيل وهو تصحيف هي أخت عكاشة بن محصن من أمه هاجرت مع قومها وكانت تحت أنيس بن قتادة مصغر أنس: (قالت: حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم في أناس وهو يقول: لقد هممت أن أنهى عن الغيلة) بكسر الغين المعجمة فمثناة تحتية (فنظرت في الروم وفارس فإذا هم يغيلون أولادهم فلا يضر ذلك أولادهم شيئا ثم سألوه عن العزل فقال رسول الله (ص): ذلك الوأد الخفي رواه مسلم). اشتمل الحديث على مسألتين: الأولى الغيلة تقدم ضبطها ويقال لها الغيل بفتح الغين مع فتح المثناة التحية والغيال بكسر الغين المراد بها مجامعة الرجل امرأته وهي ترضع كما قاله مالك والأصمعي وغيرهما. وقيل: هي أن ترضع المرأة وهي حامل والأطباء يقولون إن ذلك داء والعرب تكرهه وتتقيه ولكن النبي صلى الله عليه وسلم رد عليهم وبين عدم الضرر الذي زعمه العرب والأطباء بأن فارسا والروم تفعل ذلك ولا ضرر يحدث مع الأولاد. وقوله: فإذا هم يغيلون من أغال يغيل. والمسألة الثانية العزل وهو بفتح العين المهملة وسكون الزاي وهو أن ينزع بعد الايلاج لينزل خارج الفرج. وهو يفعل لاحد أمرين: أما في حق الأمة فلئلا تحمل كراهة لمجئ الولد من الأمة لأنه مع ذلك يتعذر بيعها وأما في حق الحرة فكراهة ضرر الرضيع إن كان أو لئلا تحمل المرأة. وقوله في جواب سؤالهم عنه: أنه الوأد الخفي دال على تحريمه لان الوأد دفن البنت حية. وبالتحريم جزم ابن حزم محتجا بحديث الكتاب.
هذا. وقال الجمهور: يجوز عن الحرة بإذنها وعن الأمة السرية بغير إذنها ولهم خلاف في الأمة المزوجة بحر. قالوا: وحديث الكتاب معارض بحديثين: الأول عن جابر قال كانت لنا جوار وكنا نعزل فقالت اليهود تلك الموؤودة الصغرى فسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال: كذبت اليهود ولو أراد الله خلقه لم تستطع رده أخرجه النسائي والترمذي وصححه. والثاني أخرجه النسائي من حديث أبي هريرة نحوه قال الطحاوي والجمع بين الأحاديث: بحمل النهي في حديث جذامة على التنزيه. ورجح ابن حزم حديث جذامة وأن النهي فيه للتحريم بأن حديث غيرها مرجح لأصل الإباحة وحديثها مانع فمن