أو نسيان أو إكراه. وأما ابتناء الاحكام والآثار الشرعية عليها ففي ذلك خلاف بين العلماء.
فاختلفوا طلاق الناسي فعن الحسن أنه كان يراه كالعمد إلا إذا اشترط أخرجه ابن أبي شيبة عنه. وعن عطاء وهو قول الجمهور أنه لا يكون طلاقا للحديث وكذا ذهب الجماهير أنه لا يقع طلاق الخاطئ وعن الحنفية يقع. واختلف في طلاق المكره فعند الجماهير لا يقع. ويروى عن النخعي وبه قالت الحنفية إنه يقع واستدل الجمهور بقوله تعالى: * (إلا من أكره وقلبه مطمئن بالايمان) *. وقال عطاء: الشرك أعظم من الطلاق وقرر الشافعي الاستدلال بأن الله تعالى لما وضع الكفر عمن تلفظ به حال الاكراه وأسقط عنه أحكام الكفر كذلك سقط عن المكره دون الكفر لان الأعظم إذا سقط سقط ما هو دونه بطريق الأولى.
10 - (وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: إذا حرم الرجل امرأته ليس بشئ، وقال لقد كان لكم في رسول الله (ص) أسوة حسنة رواه البخاري، ولمسلم عن ابن عباس: إذا حرم الرجل امرأته فهو يمين يكفرها). الحديث موقوف وفيه دليل على أن تحريم الزوجة لا يكون طلاقا وإن كان يلزم فيه كفارة يمين كما دلت له رواية مسلم فمراده ليس بشئ ليس بطلاق لا أنه لا حكم له أصلا. وقد أخرج عنه البخاري هذا الحديث بلفظ إذا حرم الرجل امرأته فإنما هي يمين يكفر فدل على أنه المراد بقوله ليس بشئ أنه ليس بطلاق. ويحتمل أنه أراد لا يلزم فيه شئ وتكون رواية أنه يمين رواية أخرى فيكون له قولان في المسألة. والمسألة اختلف فيها السلف من الصحابة والتابعين والخلف من الأئمة المجتهدين حتى بلغت الأقوال إلى ثلاثة عشر قولا أصولا وتفرعت إلى عشرين مذهبا.
الأول: أنه لغو لا حكم له في شئ من الأشياء وهو قول جماعة من السلف وقول الظاهرية والحجة على ذلك أن التحريم والتحليل إلى الله تعالى كما قال تعالى: * (ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم) * وقد قال لنبيه صلى الله عليه وسلم: * (لم تحرم ما أحل الله لك) * وقال تعالى: * (يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل لكم) *. قالوا: ولأنه لا فرق بين تحليل الحرام وتحريم الحلال فلما كان الأول باطلا فليكن الثاني باطلا. ثم قوله: هي حرام إن أراد به الانشاء فانشاء التحريم ليس إليه وإن أراد به الاخبار فهو كذب.
قالوا: ونظرنا إلى ما سوى هذا القول يعني من الأقوال التي هي في المسألة فوجدناها أقوالا مضطربة لا برهان عليها من الله فيتعين القول بهذا. وهذا القول يدل عليه حديث ابن عباس وتلاوته لقوله تعالى: * (لقد كان لكم في رسول الله إسوة حسنة) * فإنه دال على أنه لا يحرم بالتحريم ما حرمه على نفسه فإن الله تعالى أنكر على رسوله تحريم ما أحل الله له وظاهره أنها لا تلزم الكفارة. وأما قوله تعالى: * (قد فرض لكم تحلة أيمانكم) * فإنها كفارة حلفه صلى الله عليه وسلم كما أخرجه الطبري بسند صحيح عن زيد بن أسلم التابعي