به على المسلم بل يطلب له الهداية والتوبة والرجوع عن المعصية والذي أجازه أراد معناه العرفي وهو مطلق السب ولا يخفى أن محله إذا كان بحيث يرتدع العاصي به وينزجر. ولعن الملائكة لا يلزم منه جواز اللعن منا فإن التكليف مختلف انتهى كلامه. قلت: قول المهلب إنه يلعن قبل وقوع المعصية للارهاب كلام مردود فإنه لا يجوز لعنه قبل إيقاعه لها أصلا لان سبب اللعن وقوعها منه فقبل وقوع السبب لا وجه لايقاع المسبب. ثم إنه رتب في الحديث لعن الملائكة على إباء المرأة عن الإجابة وأحاديث لعن الله شارب الخمر رتب فيها اللعن على وصف كونه شاربا وقول الحافظ بأنه إن أريد معناه العرفي جاز: لا يخفى أنه غير مراد للشارع إلا المعنى اللغوي. والتحقيق أن الله تعالى أخبرنا أن الملائكة تلعن من ذكر وبأنه تعالى لعن شارب الخمر ولم يأمرنا بلعنه فإن ورد الامر بلعنه وجب علينا الامتثال ولعنه ما لم تعلم توبته وندب لنا الدعاء له بالتوفيق للتوبة والاستغفار. وقد أخبر الله تعالى أن الملائكة تلعن من ذكر ومعلوم أنه عن أمر الله وأخبر أنهم يستغفرون لمن في الأرض وهو عام يشتمل من يلعنونهم من أهل الايمان وهم المرادون في الآية، إذ المراد من عصاة أهل الايمان لأنهم المحتاجون إلى الاستغفار لا أنها مقيدة بقوله: * (ربنا وسعت كل شئ رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا) * كما قيل: لان التائب مغفور له. وإنما دعاؤهم له بالمغفرة تعبد وزيادة تنويه بشأن التائبين. وأما شمول عمومها للكفار فمعلوم أنه غير مراد وبهذا يعرف أن الملائكة قاموا بالامرين كما أشرنا إليه. وفي ا لحديث رعاية الله لعبده ولعن من عصاه في قضاء شهوته منه وأي رعاية أعظم من رعاية الملك الكبير للعبد الحقير؟ فليكن لنعم مولاه ذاكرا ولأياديه شاكرا ومن معاصيه محاذرا ولهذه النكتة الشريفة من كلام رسول الله مذاكرا.
10 - (وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن الواصلة) بالصاد المهملة (والمستوصلة، والواشمة) بالشين المعجمة (والمستوشمة متفق عليه). الواصلة:
هي المرأة التي تصل شعرها بشعر غيرها سواء فعلته لنفسها أو لغيرها. والمستوصلة التي تطلب فعل ذلك وزاد في الشرح: ويفعل بها ولا يدل عليه اللفظ. والواشمة فاعلة الوشم وهو أن تغرز إبرة ونحوها في ظهر كفها أو شفتها أو نحوهما من بدنها حتى يسيل الدم ثم تحشو ذلك الموضع بالكحل والنورة فيخضر. والمستوشمة الطالبة لذلك والحديث دليل على تحريم الأربعة الأشياء المذكورة في الحديث. فالوصل محرم للمرأة مطلقا بشعر محرم أو غيره آدمي أو غيره سواء كانت المرأة ذات زينة أو لا، مزوجة أو غير مزوجة. وللهادوية والشافعي خلاف وتفاصيل لا ينهض عليها دليل بل الأحاديث قاضية بالتحريم مطلقا لوصل الشعر واستيصاله كما هي قاضية بتحريم الوشم وسؤاله ودل اللعن أن هذه المعاصي من الكبائر.
هذا وقد علل الوشم في بعض الأحاديث بأنه تغيير لخلق الله. ولا يقال إن الخضاب بالحناء ونحوه تشمله العلة وإن شملته فهو مخصوص بالاجماع وبأنه قد وقع في عصره صلى الله عليه وسلم بل أمر بتغيير بياض أصابع المرأة بالخضاب كما في قصة هند. فأما وصل الشعر بالحرير ونحوه من الخرق فقال القاضي عياض: اختلف العلماء في المسألة: فقال مالك