واعلم أنه يؤخذ من هذا الحديث صحة قول الفقهاء إنها تهدم الصوامع المحدثة المعورة وكذا تعلية الملك إذا كانت معورة وهو محكي عن القاسم الرسي وهو رأي عمر، فإنه أخرج عنه ابن عبد الحكم في فتوح مصر عن يزيد بن أبي حبيب قال: أول من بنى غرفة بمصر خارجة بن حذافة فبلغ ذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه فكتب إلى عمرو بن العاص: سلام عليك أما بعد، فإنه بلغني أن خارجة بن حذافة بنى غرفة ولقد أراد أن يطلع على عورات جيرانه فإذا أتاك كتابي هذا فاهدمها إن شاء الله تعالى والسلام.
4 - (وعن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: قضى رسول الله (ص) أن حفظ الحوائط بالنهار على أهلها، وأن حفظ الماشية بالليل على أهلها، وأن على أهل الماشية ما أصابت ماشيتهم بالليل رواه أحمد والأربعة إلا الترمذي، وصححه ابن حبان، وفي إسناده اختلاف). مداره على الزهري وقد اختلف عليه فإنه روي من طرق كلها عن الزهري عن حزام عن البراء وحزام لم يسمع من البراء قاله عبد الحق تبعا لابن حزم. وأخرجه البيهقي من طرق وفيها الاختلاف. إلا أنه قال الشافعي رحمه الله: أخذنا به لثبوته واتصاله ومعرفة رجاله. قال البيهقي: ورويناه عن الشعبي عن شريح أنه كان يضمن ما أفسدته الغنم بالليل ولا يضمن ما أفسدته بالنهار ويتأول هذه الآية * (وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم) *. وكان يقول: النفش بالليل، وروي مرة عن مسروق: * (إذ نفشت فيه غنم القوم) * قال: كان كرما فدخلت فيه ليلا فما تركت فيه خضرا. فدل الحديث أنه لا يضمن مالك البهيمة ما جنته في النهار لأنه يعتاد إرسالها في النهار ويضمن ما جنته بالليل لأنه يعتاد حفظها بالليل وإلى هذا ذهبت الهادوية ومالك والشافعي ودليلهم الحديث والآية. وذهب أبو حنيفة إلى أنه لا ضمان على أهل الماشية مطلقا وحجته حديث: العجماء جرحها جبار أخرجه أحمد والشيخان من حديث أبي هريرة، وأحمد والنسائي وابن ماجة عن عمرو بن عوف وفيه زيادة. ولكنه قال الطحاوي: مذهب أبي حنيفة أنه لا ضمان إذا أرسلها مع حافظ. وأما إذا أرسلها من دون حافظ فإنه يضمن، وكذا المالكية يقيدون ذلك بما إذا سرحت الدواب في مسارحها المعتادة للرعي وأما إذا كانت في أرض مزروعة لا مسرح فيها فإنهم يضمنون ليلا أو نهارا. وفي المسألة أقوال أخر لا تناسب النص هذا ولا دليل لها يقاومه.
5 - (وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه في رجل أسلم ثم تهود: لا أجلس حتى يقتل.
قضاء الله ورسوله). جوز في قضاء رفعه على أنه خبر مبتدأ محذوف ونصبه على أنه مصدر حذف فعله وهو يشير إلى حديث: من بدل دينه فاقتلوه وسيأتي من أخرجه. (فأمر به فقتل. متفق عليه. وفي رواية لأبي داود: وكان قد استتيب قبل ذلك). الحديث دليل على أنه يجب قتل المرتد وهو إجماع وإنما وقع الخلاف هل تجب استتابته قبل قتله أو لا؟ ذهب الجمهور إلى وجوب الاستتابة لما في رواية أبي داود هذه، وله في رواية أخرى: فدعاه