الكلام فيها، واحتجروا بخبر الشاة المعروف، وهو أن امرأة دعته صلى الله عليه وسلم إلى طعام فأخبرته أنها أرادت ابتياع شاة فلم تجدها فأرسلت إلى جارة لها أن ابعثي لي الشاة التي لزوجك فبعثت بها إليها فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشاة أن تطعم الأسارى. قالوا: فهذا يدل على أن حق صاحب الشاة قد سقط عنها إذا شويت. وأجيب بأن الخبر لا يصح. فإن صح فهو حجة عليهم لأنه خلاف قولهم إذ فيه أنه (ص) لم يبق ذلك اللحم فملك التي أخذتها بغير إذن مالكها وهم يقولون إنه للغاصب وقد تصدق بها صلى الله عليه وسلم بغير إذنها وخبر شاة الأسارى قد بحثنا فيه في منحة الغفار.
3 - (وعن رافع بن خديج رضي الله عنه قال: قال رسول الله (ص): من الزرع شئ وله نفقته رواه أحمد والأربعة إلا النسائي وحسنه الترمذي، ويقال إن البخاري ضعفه) هذا القول عن البخاري ذكره الخطابي وخالفه الترمذي فنقل عن البخاري تحسينه إلا أنه قال أبو زرعة وغيره: لم يسمع عطاء بن أبي رباح من رافع بن خديج. وقد اختلف فيه الحفاظ اختلافا كثيرا وله شواهد تقويه وهو دليل على أن غاصب الأرض إذا زرع الأرض لا يملك الزرع وأنه لمالكها وله ما غرم على الزرع من النفقة والبذر وهذا مذهب أحمد بن حنبل وإسحاق ومالك وهو قول أكثر علماء المدينة والقاسم بن إبراهيم وإليه ذهب أبو محمد بن حزم ويدل له حديث: ليس لعرق ظالم حق وسيأتي إذ المراد به من غرس أو زرع أو حفر في أرض غيره بغير حق ولا شبهة. وذهب أكثر الأمة إلى أن الزرع لصاحب البذر الغاصب وعليه أجرة الأرض واستدلوا بحديث الزرع للزارع وإن كان غاصبا إلا أنه لم يخرجه أحد قال في المنار: وقد بحثت عنه فلم أجده والشارح نقله وبيض لمخرجه واستدلوا بحديث: ليس لعرق ظالم حق ويأتي وهو لأهل القول الأول أظهر في الاستدلال.
4 - (وعن عروة بن الزبير رضي الله عنه قال: قال رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن رجلين اختصما إلى رسول الله (ص) في أرض غرس أحدهما فيها نخلا والأرض للآخر فقضى رسول الله (ص) بالأرض لصاحبها وأمر صاحب النخل أن يخرج نخله فقال: ليس لعرق ظالم) بالإضافة ولتوصيف، وأنكر الخطابي الإضافة (حق رواه أبو داود وإسناده حسن. وآخره عند أصحاب السنن من رواية عروة عن سعيد بن زيد واختلف في وصله وإرساله وفي تعيين صحابيه). فرواه أبو داود من طريق عروة مرسلا ومن طريق آخر متصلا من رواية محمد بن إسحاق وقال: فقال رجل من أصحاب النبي (ص) وأكثر ظني أنه أبو سعيد. وفي الباب عن عائشة أخرجه أبو داود الطيالسي. وعن سمرة عند أبي داود والبيهقي وعن عبادة وعبد الله بن عمرو عند الطبراني. واختلفوا في تفسير (عرق ظالم) فقيل هو أن يغرس الرجل في أرض فيستحقها بذلك. وقال مالك: كل ما أخذ واحتفر وغرس بغير حق. وقال ربيعة: العرق الظالم يكون