الطبراني أيضا عنه. وقال الشافعي: كانت العرب في الجاهلية تحلف بثلاثة أشياء. وفي لفظ كانوا يطلقون الطلاق والظهار والايلاء فنقل تعالى الايلاء والظهار عما كان عليه الجاهلية من إيقاع الفرقة على الزوجة إلى ما استقر عليه حكمهما في الشرع وبقي حكم الطلاق على ما كان عليه. والحديث دليل على أن أقل ما ينعقد به الايلاء أربعة أشهر.
5 - (عنه رضي الله عنه أن رجلا ظاهر من امرأته ثم وقع عليها فأتى النبي (ص) فقال: إني وقعت عليها قبل أن أكفر؟؟ قال: فلا تقربها حتى تفعل ما أمرك الله به رواه الأربعة وصححه الترمذي ورجح النسائي إرساله، ورواه البزار من وجه آخر عن ابن عباس وزاد فيه: كفر ولا تعد). هذا من باب الظهار والحديث لا يضر إرساله كما قررناه من أن إتيانه من طريق موصولة لا يكون علة بل يزيده قوة. والظهار مشتق من الظهر لأنه قول الرجل لامرأته أنت علي كظهر أمي فأخذ اسمه من لفظه وكنوا بالظهر عما يستهجن ذكره. وأضافه إلى الأم لأنها أم المحرمات وقد أجمع العلماء على تحريم الظهار وإثم فاعله كما قال تعالى: * (وإنهم ليقولون منكر من القول وزورا) *. وأما حكمه بعد إيقاعه فيأتي. وقد اتفق العلماء على أنه يقع بتشبيه الزوجة بظهر الأم ثم اختلفوا فيه في مسائل: الأولى: إذا شبهها بعضو منها غيره فذهب الأكثر إلى أنه يكون ظهارا أيضا وقيل يكون ظهارا إذا شبهها بعضو يحرم النظر إليه وقد عرفت أن النص لم يرد إلا في الظهر. الثانية: أنهم اختلفوا أيضا فيما إذا شبهها بغير الأم من المحارم فقالت الهادوية لا يكون ظهارا لان النص ورد في الأم وذهب آخرون منهم مالك والشافعي وأبو حنيفة إلى أنه يكون ظهارا ولو شبهها بمحرم من الرضاع. ودليلهم القياس فإن العلة التحريم المؤبد وهو ثابت في المحارم كثبوته في الأم. وقال مالك وأحمد: إنه ينعقد وإن لم يكن المشبه به مؤبد التحريم كالأجنبية. بل قال أحمد: حتى في البهيمة ولا يخفى أن النص لم يرد إلا في الأم. وما ذكر من إلحاق غيرها فبالقياس وملاحظة المعنى ولا ينتهض دليلا على الحكم. الثالثة: أنهم اختلفوا أيضا هل ينعقد الظهار من الكافر فقيل: نعم لعموم الخطاب في الآية وقيل: لا ينعقد منه لان من لوازمه الكفارة وهي لا تصح من الكافر، ومن قال ينعقد منه قال: يكفر بالعتق أو الاطعام لا بالصوم لتعذره في حقه. وأجيب بأن العتق والاطعام إذا فعلا لأجل الكفارة كانا قربة ولا قربة لكافر. الرابعة: أنهم اختلفوا أيضا في الظهار من الأمة المملوكة فذهبت الهادوية والحنفية والشافعية أنه لا يصح الظهار منها لان قوله تعالى: * (من نسائهم) * لا يتناول المملوكة في عرف اللغة للاتفاق في الايلاء على أنها غير داخلة في عموم النساء وقياسا على الطلاق. وذهب مالك وغيره إلى أنه يصح من الأمة لعموم لفظ النساء. إلا أنه اختلف القائلون بصحته منها في الكفارة فقيل: لا تجب إلا نصف الكفارة فكأنه قاس ذلك على الطلاق عنده. الخامسة: الحديث دليل على أنه يحرم وطئ الزوجة التي ظاهر منها قبل التكفير وهو مجمع عليه لقوله تعالى: * (من قبل أن يتماسا) * فلو وطئ لم يسقط التكفير ولا يتضاعف