بيان لحكم خاص لخارج عن الاسلام خاص وهو المحارب وله حكم خاص هو ما ذكر من القتل أو الصلب أو النفي فهو أخص من الذي أفاده الحديث الذي قبله. والنفي الحبس عند أبي حنيفة وعند الشافعي النفي من بلد إلى بلد لا يزال يطلب وهو هارب فزع وقيل: ينفي من بلده فقط. وظاهر الحديث والآية أيضا أن الامام مخير بين هذه العقوبات في كل محارب مسلما كان أو كافرا.
3 - (وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله (ص):
أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء متفق عليه). فيه دليل على عظم شأن دم الانسان فإنه لا يقدم في القضاء إلا الأهم. ولكنه يعارضه حديث: أول ما يحاسب العبد عليه صلاته أخرجه أصحاب السنن من حديث أبي هريرة. ويجاب بأن حديث الدماء فيما يتعلق بحقوق المخلوق وحديث الصلاة فيما يتعلق بعبادة الخالق وبأن ذلك في أولية القضاء والآخر في أولية الحساب. كما يدل له ما أخرجه النسائي من حديث ابن مسعود بلفظ أول ما يحاسب عليه العبد صلاته وأول ما يقضى بين الناس في الدماء وقد أخرج البخاري من حديث علي رضي الله عنه وغيره: أنه رضي الله عنه أول من يجثو بين يدي الرحمن للخصومة يوم القيامة في قتلى بدر - الحديث. فبين فيه أول قضية يقضي فيها وقد بين الاختصام، حديث أبي هريرة: أول ما يقضى بين الناس في الدماء، ويأتي كل قتيل قد حمل رأسه يقول:
يا رب سل هذا فيم قتلني - الحديث. وفي حديث ابن عباس يرفعه: يأتي المقتول معلقا رأسه بإحدى يديه ملببا قاتله بيده الأخرى تشحط أوداجه دما حتى يقفا بين يدي الله تعالى وهذا في القضاء في الدماء. وفي القضاء بالأموال ما أخرجه ابن ماجة من حديث ابن عمر يرفعه من مات وعليه دينار أو درهم قضى من حسناته. وفي معناه عدة أحاديث وأنها إذا فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه طرح عليه من سيئات خصمه وألقي في النار. وقد استشكل ذلك بأنه كيف يعطى الثواب وهو لا يتناهى في مقابلة العقاب وهو يتناهى؟ يعني على القول بخروج الموحدين من النار. وأجاب البيهقي: بأنه يعطى من حسناته ما يوازي عقوبة سيئاته من غير المضاعفة التي يضاعف الله تعالى بها الحسنات لان ذلك من محض الفضل الذي يخص الله تعالى به من يشاء من عباده وهذا فيمن مات غير ناو لقضاء دينه. وأما من مات وهو ينوي القضاء فإن الله يقضي عنه كما قدمناه في شرح الحديث الثالث من أبواب السلم.
4 - (وعن سمرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله (ص): من قتل عبده قتلناه. ومن جدع) بالجيم والدال المهملة (عبده جدعناه رواه أحمد والأربعة وحسنه الترمذي وهو من رواية الحسن البصري عن سمرة وقد اختلف في سماعه منه) على ثلاثة أقوال. قال ابن معين: لم يسمع الحسن منه شيئا وإنما هو كتاب وقيل: سمع منه حديث العقيقة وأثبت ابن المديني سماع الحسن من سمرة (وفي رواية أبي داود