عمر: لو يعلم المصلي ما ينقص من صلاته بالمرور بين يديه، ما صلى إلا إلى شئ يستره من الناس، وأخرج ابن أبي شيبة: عن ابن مسعود: إن المرور بين يدي المصلي يقطع نصف صلاته، ولهما حكم الرفع، وإن كانا موقوفين، إلا أن الأول فيمن لم يتخذ سترة. والثاني مطلق، فيحمل عليه. وأما من اتخذ السترة فلا نقص في صلاته بمرور المار، لأنه قد صرح الحديث أنه مع اتخاذ السترة لا يضره مرور من مر، فأمره بدفعه للمار، لعل وجهه: إنكار المنكر على المار، لتعديه ما نهاه عنه الشارع، ولذا يقدم الأخف على الأغلظ.
(وعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله (ص) قال: إذا صلى أحدكم فليجعل تلقاء وجهه شيئا، فإن لم يجد فلينصب عصا، فإن لم يكن فليخط خطا، ثم لا يضره من مر بين يديه. أخرجه أحمد، وابن ماجة، وصححه ابن حبان، ولم يصب من زعم) وهو ابن الصلاح (أنه مضطرب) فإنه أورده مثالا للمضطرب فيه (بل هو حسن) ونازعه المصنف في النكت، وقد صححه أحمد، وابن المديني، وفي مختصر السنن، قال سفيان بن عيينة: لم نجد شيئا نشد به هذا الحديث، ولم يجئ إلا من هذا الوجه، وكان إسماعيل بن أمية إذا حدث بهذا الحديث يقول: هل عندكم شئ تشدونه به؟ وقد أشار الشافعي: إلى ضعفه، وقال البيهقي: لا بأس به في مثل هذا الحكم، إن شاء الله تعالى. والحديث دليل على أن السترة تجزئ بأي شئ كانت. وفي مختصر السنن: قال سفيان بن عيينة:
رأيت شريكا صلى بنا في جنازة العصر، فوضع قلنسوته بين يديه. وفي الصحيحين من رواية ابن عمر: أنه (ص): كان يعرض راحلته فيصلي إليها، وقد تقدم: أنه أي: المصلي إذا لم يجد: جمع ترابا، أو أحجارا، واختار أحمد بن حنبل: أن يكون الخط كالهلال. وفي قوله:
ثم لا يضره شئ ما يدل: أنه يضره إذا لم يفعل: إما بنقصان من صلاته، أو بإبطالها على ما ذكر أنه يقطع الصلاة، إذ في المراد بالقطع: الخلاف، كما تقدم. وهذا فيما إذا كان المصلي إماما، أو منفردا، لا إذا كان مؤتما، فإن الامام سترة له، أو سترته سترة له، وقد سبق قريبا، وقد بوب له البخاري، وأبو داود، وأخرج الطبراني في الأوسط من حديث أنس مرفوعا: سترة الامام لمن خلفه، وإن كان فيه ضعف.
واعلم أن الحديث عام: في الامر باتخاذ السترة في الفضاء وغيره، فقد ثبت: أنه (ص) كان إذا صلى إلى جدار جعل بينه وبينه قدر ممر الشاة، ولم يكن يتباعد منه، بل أمر بالقرب من السترة، وكان إذا صلى إلى عود، أو عمود، أو شجرة: جعله على جانبه الأيمن، أو الأيسر، ولم يصمد له صمدا، وكان يركز الحربة في السفر، أو العنزة، فيصلي إليها، فتكون سترته، وكان يعرض راحلته فيصلي إليها. وقال الشافعية على ذلك: بسط المصلي لنحو سجادة، بجامع إشعار المار أنه في الصلاة، وهو صحيح.
(وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله (ص):
لا يقطع الصلاة شئ، وادرأوا ما استطعتم أخرجه أبو داود، وفي سنده ضعف).