والمراد لمن كان محدثا كما عرف من غيره، وقد فصل ما أجملته رواية البخاري: رواية النسائي بلفظ: حتى يسبغ الوضوء، كما أمره الله، فيغسل وجهه، ويديه إلى المرفقين، ويمسح برأسه، ورجليه إلى الكعبين وهذا التفصيل دل: على عدم وجوب المضمضة والاستنشاق، ويكون هذا قرينة على حمل الامر بهما - حيث ورد - على الندب، ودل على إيجاب استقبال القبلة قبل تكبيرة الاحرام، وقد تقدم وجوبه، وبيان عفو الاستقبال للمتنفل الراكب. ودل على وجوب تكبيرة الاحرام، وعلى تعيين ألفاظها رواية الطبراني لحديث رفاعة بلفظ: ثم يقول الله أكبر ورواية ابن ماجة التي صححها ابن خزيمة، وابن حبان: من حديث أبي حميد: من فعله (ص): إذا قام إلى الصلاة اعتدل قائما ورفع يديه ثم قال الله أكبر، ومثله: أخرجه البزار من حديث علي عليه السلام، بإسناد صحيح على شرط مسلم: أنه (ص) كان إذا قام إلى الصلاة قال:
الله أكبر، فهذا يبين أن المراد من تكبيرة الاحرام: هذا اللفظ. ودل على وجوب قراءة القرآن في الصلاة، سواء كان الفاتحة أو غيرها لقوله: ما تيسر معك من القران وقوله: فإن كان معك قران، ولكن رواية أبي داود بلفظ: فاقرأ بأم الكتاب، وعند أحمد، وابن حبان: ثم اقرأ بأم القران ثم اقرأ بما شئت، وترجم له ابن حبان: باب فرض المصلي فاتحة الكتاب في كل ركعة، فمع تصريح الرواية بأم القران، يحمل قوله: ما تيسر معك على الفاتحة، لأنها كانت المتيسرة لحفظ المسلمين لها، أو يحمل أنه (ص) عرف من حال المخاطب: أنه لا يحفظ الفاتحة، ومن كان كذلك، وهو يحفظ غيرها، فله أن يقرأه، أو أنه منسوخ بحديث تعيين الفاتحة، أو أن المراد: ما تيسر فيما زاد على الفاتحة، ويؤيده رواية أحمد، وابن حبان، فإنها عينت الفاتحة، وجعلت ما تيسر لما عداها، فيحتمل أن الراوي حيث قال: ما تيسر، ولم يذكر الفاتحة، ذهل عنها. ودل على إيجاب غير الفاتحة معها: لقوله: بأم الكتاب، وبما شاء الله، أو شئت. ودل على أن من لم يحفظ القران يجزئه الحمد والتكبير والتهليل، وأنه لا يتعين عليه منه قدر مخصوص، ولا لفظ مخصوص. وقد ورد تعيين الألفاظ بأن يقول: سبحان الله، والحمد الله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. ودل على وجوب الركوع، ووجوب الاطمئنان فيه. وفي لفظ لأحمد بيان كيفيته فقال: فإذا ركعت، فاجعل راحتيك على ركبتيك، وامدد ظهرك، ومكن ركوعك، وفي رواية: ثم تكبر، وتركع حتى تطمئن مفاصلك وتسترخي. ودل على وجوب الرفع من الركوع، وعلى وجوب الانتصاب قائما، وعلى وجوب الاطمئنان لقوله: حتى تطمئن قائما. وقد قال المصنف: إنها بإسناد مسلم، وقد أخرجها السراج أيضا بإسناد على شرط البخاري، فهي على شرط الشيخين. ودل على وجوب السجود والطمأنينة فيه. وقد فصلتها رواية النسائي عن إسحاق بن أبي طلحة بلفظ: ثم يكبر ويسجد حتى يمكن وجهه وجبهته حتى تطمئن مفاصله وتسترخي. ودل على وجوب القعود بين السجدتين. وفي رواية النسائي: ثم يكبر، فيرفع رأسه حتى يستوي قاعدا على مقعدته ويقيم صلبه، وفي رواية: فإذا رفعت رأسك، فاجلس على فخذك اليسرى، فدل على أن هيئة القعود بين السجدتين بافتراش اليسرى.
ودل على أنه يجب أن يفعل كل ما ذكر في بقية ركعات صلاته، إلا تكبيرة الاحرام، فإنه