أن توفيني ما بقي بطل لأنه ما أبرأه عن بعض الحق الا ليوفيه بقيته فكأنه عاوض بعض حقه ببعض (القسم الثالث) الهبة وهو أن يكون له في يده عين فيقول قد وهبتك نصفها فاعطني بقيتها فيصح ويعتبر له شروط الهبة وان أخرجه مخرج الشرط لم يصح وهذا مذهب الشافعي لأنه إذا شرط في الهبة الوفاء جعل الهبة عوضا عن الوفاء به فكأنه عاوض بعض حقه ببعض، وان أبرأه من بعض الدين أو وهب له بعض العين بلفظ الصلح مثل أن يقول صالحني بنصف دينك علي أو بنصف دارك هذه فيقول صالحتك بذلك لم يصح ذكره القاضي وابن عقيل وهو قول بعض أصحاب الشافعي وقال أكثرهم يجوز الصلح لأنه إذا لم يجز بلفظه خرج عن أن يكون صلحا ولا يبقى له تعلق به فلا يسمى صلحا أما إذا كان بلفظ الصلح سمي صلحا لوجود اللفظ وان تخلف المعنى كالهبة بشرط الثواب، وإنما يقتضي لفظ الصلح المعاوضة إذا كان ثم عوض أما مع عدمه فلا وإنما معنى الصلح الاتفاق والرضى وقد يحصل هذا من غير عوض كالتمليك إذا كان بعوض سمي بيعا وان خلا عن العوض سمي هبة. ولنا ان لفظ الصلح يقتضي المعاوضة لأنه إذا قال صالحني بهبة كذا أو على نصف هذه العين ونحو هذا فقد أضاف إليه بالمقابلة فصار كقوله يعنى بألف، وإن أضاف إليه على جرى مجرى الشرط كقوله تعالى (فهل نجعل لك خرجا على أن تجعل بيننا وبينهم سدا) وكلاهما لا يجوز بدليل ما لو صرح بلفظ الشرط أو بلفظ المعاوضة، وقولهم انه يسمى صلحا ممنوع وان سمي صلحا فمجاز لتضمنه قطع النزاع وإزالة الخصومة وقولهم ان الصلح لا يقتضى المعاوضة قلنا لا لسلم وان سلمنا لكن المعاوضة حصلت من اقتران حرف الباء أو على أو نحوهما به فإن لفظه الصلح تحتاج إلى حرف تعدى به وذلك يقتضي المعاوضة على ما بيناه (فصل) وان ادعى على رجل بينا فصالحه على بعضه أو علي بناء غرفه فوقه أو على أن يسكنه
(١٨)