وكدفع المال الذي عليه ولأنه اجماع الصحابة رضي الله عنهم فإن عليا رضي الله عنه وكل عقيلا عند أبي بكر رضي الله عنه وقال ما قضى له فلي وما قضى عليه فعلي، ووكل عبد الله بن جعفر عند عثمان وقال إن للخصومة قحما وان الشيطان ليحضرها وإني لاكره أن أحضرها قال أبو زياد القحم المهالك، وهذه قصص انتشرت لأنها في مظنة الشهرة فلم ينقل إنكارها، ولان الحاجة تدعو إلى ذلك فإنه قد يكون له حق أو يدعى عليه ولا يحسن الخصومة أو لا يجب أن يتولاها بنفسه، ويجوز التوكيل في الاقرار ولأصحاب الشافعي وجهان أحدهما لا يجوز التوكيل فيه لأنه اخبار بحق فلم يجز التوكيل فيه كالشهادة ولنا انه اثبات حق في الذمة بالقول فجاز التوكيل فيه كالبيع، وفارق الشهادة فإنها لا تثبت الحق وإنما هو إخبار بثبوته على غيره.
(فصل) ولا يصح التوكيل في الشهادة لأنها تتعلق بعين الشاهد لكونها خبرا عما رآه أو سمعه ولا يتحقق هذا المعنى في نائبه فإن استناب فيها كان النائب شاهدا على شهادته لكونه يؤدي ما سمعه من شاهد الأصل وليس بوكيل، ولا يصح في الايمان والنذور لأنها تتعلق بعين الحالف والناذر فأشبهت العبادات البدنية والحدود، ولا يصح في الايلاء والقسامة واللعان لأنها أيمان، ولا في القسم بين الزوجات لأنه يتعلق ببدن الزوج لأمر لا يوجد من غيره، ولا في الرضاع لأنه يختص بالمرضعة والمرتضع لا مر يختص بانبات لحم المرتضع وانشاز عظمه بلبن المرضعة، ولا في الظهار لأنه قول منكر وزور فلا يجوز فعله ولا الاستنابة فيه ولا يصح في الغصب لأنه محرم، ولا في الجنايات لذلك ولا في كل محرم لأنه لا يجوز له فعله فلم يجز لنائبه