(فصل) فأما حقوق الله تعالى فما كان منها حدا كحد الزنا والسرقة جاز التوكيل في استيفائه لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال (اغد يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها) فغدا عليها أنيس فاعترفت فأمر بها فرجمت متفق عليه وأمر النبي صلى الله عليه وسلم برجم ما عر فرجموه ووكل عثمان عليا في إقامة حد الشرب على الوليد بن عقبة ووكل علي الحسن في ذلك فأبى الحسن فوكل عبد الله بن جعفر فأقامه وعلي يعد رواه مسلم، ولان الحاجة تدعوا إلى ذلك لأن الإمام لا يمكنه تولي ذلك بنفسه ويجوز التوكيل في اثباتها وقال أبو الخطاب لا يجوز في اثباتها وهو قول الشافعي لأنها تسقط بالشبهات وقد أمرنا بدرئها بها والتوكيل يوصل إلى الايجاب ولنا حديث أنيس فإن النبي صلى الله عليه وسلم وكله في اثباته واستيفائه جميعا فإنه قال فإن اعترفت فارجمها وهذا يدل على أنه لم يكن ثبت وقد وكله في اثباته واستيفائه جميعا ولان الحاكم إذا استناب دخل في ذلك الحدود فإذا دخلت في التوكيل بطريق العموم وجب أن تدخل بالتخصيص بها أولى والوكيل يقوم مقام الموكل في درئها بالشبهات وأما العبادات فما كان منها له تلق بالمال كالزكاة والصدقات والمنذورات والكفارات جاز التوكيل في قبضها تفريقها ويجوز للمخرج التوكيل في اخراجها ودفعها إلى مستحقها ويجوز أن يقول لغيره اخرج زكاة مالي من مالك لأن النبي صلى الله عليه وسلم بعث عماله لقبض الصدقات وتفريقها وقال لمعاذ حين بعثه إلى اليمن (اعلمهم أن عليهم صدقة تؤخذ من
(٢٠٦)