وربما ذهب كله، وقال القاضي إن كان يابسا معتمدا على نفس الجدار صحت المصالحة عنه لأن الزيادة مأمونة فيه ولا يصح الصلح على غير ذلك لأن الرطب يزيد في كل وقت، وما لا يعتمد على الجدار لا يصح الصلح عليه لأنه تبع الهواء وهذا مذهب الشافعي واللائق بمذهب أحمد صحته لأن الجهالة في المصالح عنه لا تمنع الصحة إذا لم يكن إلى العلم به سبيل وذلك لدعاء الحاجة إليه وكونه لا يحتاج إلى تسليم وهذا كذلك والهواء كالقرار في كونه مملوكا لصاحبه فجاز الصلح على ما فيه كالذي في القرار (فصل) وان صالحه على اقرارها بجزء معلوم من ثمرها أو بثمرها كله فقد نقل المروذي وإسحاق ابن إبراهيم عن أحمد أنه سئل عن ذلك فقال: لا أدري فيحتمل أن يصح ونحوه قال مكحول فإنه نقل عنه أنه قال: أيما شجرة ظللت على قوم فهم بالخيار بين قطع ما ظلل أو أكل ثمرها، ويحتمل أن لا يصح وهو قول الأكثرين واليه ذهب الشافعي لأن العوض مجهول فإن الثمرة مجهولة وجزؤها مجهول ومن شرط الصلح العلم بالعوض ولان المصالح عليه أيضا مجهول لأنه يزيد ويتغير على ما أسلفناه ووجه الأول أن هذا مما يكثر في الاملاك وتدعو الحاجة إليه وفي القطع اتلاف فجاز مع الجهالة كالصلح على مجرى مياه الأمطار والصلح على المواريث الدارسة والحقوق المجهولة التي لا سبيل إلى علمها، ويقوى عندي أن الصلح ههنا يصح بمعني ان كل واحد منهما يبيح صاحبه ما بذل له فصاحب الهواء يبيح صاحب الشجرة ابقاءها ويمتنع من قطعها وازالتها وصاحب الشجرة يبيحه ما بذل له من ثمرتها ولا يكون هذا بمعنى البيع لأن البيع لا يصح بمعدوم ولا مجهول والثمرة في حال الصلح معدومة مجهولة ولا هو لازم بل لكل واحد منهما الرجوع عما بذله والعود فيما قاله لأنه مجرد إباحة
(٢٢)