ولنا ما روى أبو داود والأثرم باسنادهما عن أبي عبيدة بن عبد الله قال: اشتركنا أنا وسعد وعمار يوم بدر فلم أجئ أنا وعمار بشئ وجاء سعد بأسيرين، ومثل هذا لا يخفى على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أقرهم عليه وقال احمد أشرك بينهم النبي صلى الله عليه وسلم، فإن قيل فالمغانم مشتركة بين الغانمين بحكم الله تعالى فكيف يصح اختصاص هؤلاء بالشركة فيها وقال بعض الشافعية غنائم بدر كانت الرسول الله صلى الله عليه وسلم وكان له أن يدفعها إلى من شاء فيحتمل أن يكون فعل ذلك لهذا؟
قلنا أما الأول فالجواب عنه ان غنائم بدر كانت لمن أخذها من قبل أن يشرك الله تعالى بينهم ولهذا نقل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (من أخذ شيئا فهو له) فكان ذلك من قبيل المباحات من سبق إلى أخذ شئ فهو له ويجوز أن يكون شرك بينهم فيما يصيبونه من الأسلاب والنفل الا أن الأول أصح لقوله جاء سعد بأسيرين ولم أجئ أنا وعمار بشئ وأما الثاني فإن الله تعالى إنما جعل الغنيمة لنبيه عليه السلام بعد أن غنموا واختلفوا في الغنائم فأنزل الله تعالى (يسئلونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول) والشركة كانت قبل ذلك، ويدل على صحة هذا أنها لو كانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم لم يخل إما أن يكون قد أباحهم أخذها فصارت كالمباحات أو لم يبحها لهم فكيف يشتركون في شئ لغيرهم؟ وفي هذا الخبر حجة على أبي حنيفة أيضا لأنهم اشتركوا في مباح وفيما ليس بصناعة وهو يمنع ذلك ولان العمل أحد جهتي المضاربة فصحت الشركة عليه كالمال، وعلى أبي حنيفة