ولنا أنه قدر على دفع بعض ماله إليه مع رد المثل في الباقي فلم ينتقل إلى المثل في الجميع كما لو غصب صاعا فتلف نصفه، وذلك لأنه إذا دع إليه منه فقد دفع إليه بعض ماله وبدل الباقي فكان أولى من دفعه من غيره.
(الضرب الثاني والثالث والرابع) أن يخلطه بخير منه أو دونه أو بغير جنسه فظاهر كلام احمد أنهما شريكان يباع الجميع ويدفع إلى كل واحد منهما قدر حقه لأنه قال في رواية أبي الحارث في رجل له رطل زيت وآخر له رطل شيرج اختلطا يباع الدهن كله ويعطى كل واحد منهما قدر حصته وذلك لأننا إذا فعلنا ذلك أو صلنا إلى كل واحد منهما عين ماله وإذا أمكن الرجوع إلى عين المال لم يرجع إلى البدل وإن نقص المغصوب عن قيمته منفردا فعلى الغاصب ضمان النقص لأنه حصل بفعله وقال القاضي قياس المذهب أنه يلزم الغاصب مثله لأنه صار بالخلط مستهلكا وكذلك لو اشترى زيتا فخلطه بزيته ثم أفلس صار البائع كأسوة الغرماء ولأنه تعذر عليه الوصول إلى عين ماله فكان له بدله كما لو كان تالفا ويحتمل أن يحمل كلام احمد على ما إذا اختلطا من غير غصب فاما المغصوب فقد وجد من الغاصب ما منع المالك من أخذ حقه من المثليات مميزا فلزمه مثله كما لو أتلفه إلا أنه إن خلطه بخير منه وبذل لصاحبه مثل حقه منه لزمه قبوله لأنه أوصل إليه بعض حقه بعينه وتبرع بالزيادة في مثل الباقي وإن خلطه بأدون منه فرضي المالك بأخذ قدر حقه منه لزم الغاصب بذله لأنه أمكنه رد بعض المغصوب