في المقبوض لم يسقط بتلفه كسائر الحقوق ولان هذا القبض لا يخلو إما أن يكون بحق أو بغير حق فإن كان بحق لم يشاركه غيره فيه كما لو كان الدين بسببين وإن كان بغير حق لم يكن له مطالبته لأن حقه في الذمة لا في العين فأشبه ما لو اخذ غاصب منه مالا، فعلى هذا ما قبضه القابض يختص به دون شريكه وليس لشريكه الرجوع عليه وإن اشترى بنصيبه ثوبا صح ولم يكن لشريكه إبطال الشراء وإن قبض أكثر من حقه بغير اذن شريكه لم يبرأ الغريم مما زاد على حقه.
(فصل) واختلفت الرواية عن أحمد في قسمة الدين في الذمم فنقل حنبل منع ذلك وهو الصحيح لأن الذمم لا تتكافأ ولا تتعادل والقسمة تقتضي التعديل واما القسمة من غير تعديل فهي بيع ولا يجوز بيع الدين بالدين، فعلى هذا لو تقاسما ثم توى بعض المال رجع من توى ماله على من لم يتو وبهذا قال ابن سرين والنخعي ونقل حرب جواز ذلك لأن الاختلاف لا يمنع القسمة كما لو اختلف الأعيان وبه قال الحسن وإسحاق فعلى هذا لا يرجع من توى ماله على من لم يتو إذا أبرأ كل واحد صاحبه وهذا إذا كان في ذمم فاما في ذمة واحدة فلا تمكن القسمة لأن معنى القسمة إفراز الحق ولا يتصور ذلك في ذمة واحدة والله أعلم.
(فصول في العبد المأذون له) يجوز أن يأذن السيد لعبده في التجارة بغير خلاف نعلمه لأن الحجر عليه إنما كان لحق سيده فجاز له التصرف باذنه وينفك عنه الحجر في قدر ما اذن له فيه لأن تصرفه إنما جاز باذن سيده فزال الحجر في قدر ما أذن فيه كالوكيل، فإن دفع إليه مالا يتجر به كان له أن يبيع ويشتري ويتجر فيه وان أذن له أن يشتري في ذمته جاز وإن عين له نوعا من المال يتجر فيه جاز ولم يكن له التجارة في غيره وبهذا قال الشافعي وقال أبو حنيفة يجوز ان يتجر في غيره وينفك عنه الحجر مطلقا لأن اذنه اطلاق من الحجر وفك له والا طلاق لا يتبعض كبلوغ الصبي ولنا انه متصرف بالاذن من جهة الآدمي فوجب أن يختص ما اذن له فيه كالوكيل والمضارب وما قاله ينقض بما إذا اذن له في شراء ثوب ليلبسه أو طعام ليأكله ويخالف البلوغ فإنه يزول به المعنى الموجب للحجر فإن البلوغ مظنة كمال العقل الذي يتمكن به من التصرف على وجه المصلحة وههنا الرق سبب الحجر وهو موجود فنظير البلوغ في الصبي العتق للعبد وإنما يتصرف العبد بالاذن الا ترى ان الصبي يستفيد بالبلوغ قبول النكاح بخلاف العبد؟