روى عنه أنه عامل الناس على أنه إن جاء عمر بالبذر من عنده فله الشطر وإن جاءوا بالبذر فلهم كذا فظاهر هذا أن ذلك اشتهر فلم ينكر فكان اجماعا، فما قيل هذا بمنزلة بيعتين في بيعة فكيف يفعله عمر رضي الله عنه؟ قلنا يحتمل أنه قال ذلك ليخيرهم في أي العقدين شاءوا فمن اختار عقدا عقده معه معينا كما لو قال في البيع ان شئت بعتكه بعشرة صحاح، وإن شئت بأحد عشر مكسورة فاختار أحدهما فعقد البيع معه عليه معينا، ويجوز أن يكون مجيئه بالبذر أو شروعه في العمل بغير بذر مع اقرار عموله على ذلك وعلمه به جرى مجرى العقد ولهذا روي عن أحمد رحمه الله صحة الإجارة فيما إذا قال إن خطته روميا فلك درهم وإن خطته فارسيا فلك نصف درهم، وما ذكره أصحابنا من القياس يخالف ظاهر النص والاجماع الذين ذكرناهما فكيف يعمل به؟ ثم هو منتقض بما إذا اشترك مالان وبدن صاحب أحدهما (فصل) فإن كان البذر منهما نصفين وشرطا أن الزرع بينهما نصفان فهو بينهما، سواء قلنا بصحة المزارعة أو فسادها لأنها ان كانت صحيحة فالزرع بينهما على ما شرطاه وان كانت فاسدة فلكل واحد منهما بقدر بذره، لكن إن حكمنا بصحتها لم يرجع أحدهما على صاحبه بشئ، وإن قلنا من شرط صحتها إخراج رب المال البذر فهي فاسدة فعلى العامل نصف أجر الأرض وله على رب الأرض نصف أجر عمله فيتقاصان بقدر الأقل منهما ويرجع أحدهما على صاحبه بالفضل. وان شرطا التفاضل في الزرع وقلنا بصحتها فالزرع بينهما على ما شرطاه ولا تراجع بينهما، وان قلنا بفسادها فالزرع بينهما على قدر بذرهما ويتراجعان كما ذكرنا وكذلك أن تفاضلا في البذر وشرطا التساوي في الزرع أو شرطا لأحدهما أكثر من قدر بذره أو أقل
(٥٩١)