(فصل) ولا يقبل رجوع المقر عن اقراره الا فيما كان حد الله تعالى يدرأ بالشبهات ويحطاط لا سقاطه فأما حقوق الآدميين وحقوق الله تعالى التي لا تدرأ بالشبهات كالزكاة والكفارات فلا يقبل رجوعه عنها ولا نعلم في هذا خلافا فإذا قال هذه الدار لزيد لابل لعمرو أو ادعى زيد على ميت شيئا معينا من تركته فصدقه ابنه ثم ادعاه عمرو فصدقه حكم به لزيد ووجبت عليه غرامته لعمرو وهذا ظاهر أحد قولي الشافعي وقال في الآخر لا يغرم لعمرو شيئا وهو قول أبي حنيفة لأنه أقر له بما عليه الاقرار به وإما منعه الحكم من قبوله وذلك لا يوجب الضمان ولنا أنه حال بين عمرو وبين ملكه الذي أقر له به باقراره لغيره فلزمه غرمه كما لو شهد رجلان على آخر باعتاق عبده ثم رجعا عن الشهادة أو كما لو رمى به في البحر ثم أقر به، وان قال غصبت هذه الدار من زيد لابل من عمر أو غصبتها من زيد وغصبها زيد من عمرو حكم بها لزيد ولزمه تسليمها إليه ويغرمها لعمرو وبهذا قال أبو حنيفة وهو ظاهر مذهب الشافعي، وقال في الآخر لا يضمن لما تقدم ولنا أنه أقر بالغصب الموجب للضمان والرد إلى المغصوب منه ثم لم يرد ما أقر بغصبه فلزمه ضمانه كما لو تلف بفعل الله تعالى قال أحمد في رواية ابن منصور في رجل قال لرجل استودعتك هذا الثوب قال صدقت ثم قال استودعنيه رجل آخر فالثوب للأول ويغرم قيمته للآخر ولا فرق في هذا الفصل بين أن يكون اقراره بكلام متصل أو منفصل
(٢٨٨)