(القسم الثاني) اجارتها بطعام معلوم من جنس ما يزرع فيها كاجارتها بقفزان حنطة لزرعها فقال أبو الخطاب فيها روايتان (إحداهما) المنع وهي التي ذكرها القاضي مذهبا وهي قول مالك لما تقدم من الأحاديث ولأنها ذريعة إلى المزارعة عليها بشئ معلوم من الخارج منها لأنه يجعل مكان قول قوله زارعتك آجرتك فتصير مزارعة بلفظ الإجارة والذرائع معتبرة (والثانية) جواز ذلك اختارها أبو الخطاب وهو قول أبي حنيفة والشافعي لما ذكرنا في القسم الأول ولان ما جازت اجارته بغير المطعوم جازت به كالدور (القسم الثالث) اجارتها بجزء مشاع مما يخرج منها كنصف وثلث وربع فالمنصوص عن أحمد جوازه وهو قول أكثر الأصحاب واختار أبو الخطاب أنها لا تصح وهو قول أبي حنيفة والشافعي وهو الصحيح إن شاء الله لما تقدم من الأحاديث في النهي من غير معارض لها، ولأنها إجارة بعوض مجهول فلم تصح كاجارتها بثلث ما يخرج من أرض أخرى، ولأنها إجارة لعين بعض نمائها فلم تجز كسائر الأعيان، ولأنه لا نص في جوازها ولا يمكن قياسها على المنصوص فإن النصوص إنما وردت بالنهي عن اجارتها بذلك ولا نعلم في تجويزها نصا، والمنصوص على جوازه اجارتها بذهب أو فضة أو شئ مضمون معلوم وليست هذه كذلك، فأما نص احمد في الجواز فيتعين حمله على المزارعة بلفظ الإجارة فيكون حكمها حكم المزارعة في جوازها ولزومها وفيما يلزم العامل ورب الأرض وسائر أحكامها والله أعلم (تم بحمد الله وعونه الجزء الخامس..)
(٥٩٨)