الآخر قبلي الأرض وقال الآخر قبلي البذر وقال الآخر قبلي العمل فجعل النبي صلى الله عليه وسلم الزرع لصاحب البذر والغى صاحب الأرض وجعل لصاحب العمل كل يوم درهما ولصاحب الفدان شيئا معلوما فقال أحمد لا يصح والعمل على غيره، وذكر هذا الحديث سعيد بن منصور عن الوليد بن مسلم عن الأوزاعي، وعن واصل بن أبي جميل عن مجاهد وقال في آخره فحدثت به مكحولا فقال ما يسرني بهذا الحديث وصيفا. وحكم هذه المسألة حكم المسألة التي ذكرناها في صدر الفصل وهما فاسدان لأن موضوع المزارعة على أن البذر من رب الأرض أو من العامل وليس هو ههنا من واحد منهما، وليست شركة لأن الشركة تكون بالأثمان، وان كانت بالعروض اعتبر كونها معلومة ولم يوجد شئ من ذلك ههنا، وليست إجارة لأن الإجارة تفتقر إلى مدة معلومة وعوض معلوم وبهذا قال مالك والشافعي وأصحاب الرأي. فعلى هذا يكون الزرع لصاحب البذر لأنه نماء ماله ولصاحبيه عليه أجر مثلهما لأنهما دخلا على أن يسلم لهما المسمى فإذا لم يسلم عاد إلى بدله وبهذا قال الشافعي وأبو ثور، وقال أصحاب الرأي يتصدق بالفضل، والصحيح أن النماء لصاحب البذر ولا تلزمه الصدقة به كسائر ماله. ولو كانت الأرض لثلاثة فاشتركوا على أن يزرعوها ببذرهم ودوابهم على أن ما أخرج الله بينهم على قدر مالهم فهو جائز وبهذا قال مالك والشافعي وأبو ثور وابن المنذر ولا نعلم فيه خلافا لأن أحدهم لا يفضل صاحبيه بشئ (فصل) وإذا زارع رجلا وآجره أرضه فزرعها وسقط من الحب شئ فنبت في تلك الأرض
(٥٩٥)