الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك وأمرنا أن نكريها بذهب أو فضة رواه أبو داود، ولأنها عين يمكن استيفاء المنفعة المباحة منها مع بقائها فجازت إجارتها بالأثمان، ونحوها كالدور والحكم في العروض كالحكم في الأثمان، وأما حديثهم فقد فسره الراوي بما ذكرنا عنه فلا يجوز الاحتجاج به على غيره وحديثنا مفسر لحديثهم فإن راويهما واحد وقد رواه عاما وخاصا فيحمل العام على الخاص مع موافقة الخاص لسائر الأحاديث والقياس وقول أكثر أهل العلم فاما اجارتها بطعام فتنقسم ثلاثة أقسام (أحدها) أن يؤجرها بمطعوم غير الخارج منها معلوم فيجوز نص عليه أحمد في رواية الحسن بن ثواب وهو قول أكثر أهل العلم منهم سعيد بن جبير وعكرمة والنخعي والشافعي وأبو ثور وأصحاب الرأي، ومنع منه مالك حتى منع اجارتها باللبن والعسل، وقد روي عن أحمد أنه قال ربما تهيبته قال القاضي هذا من أحمد على سبيل الورع ومذهبه الجواز.
والحجة لمالك ما روى رافع بن خديج عن بعض عمومته قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من كانت له أرض فلا يكريها بطعام مسمى) رواه أبو داود وابن ماجة، وروى ظهير بن رافع قال دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال (ما تصنعون بمحاقلكم؟) قلت نؤاجرها على الربع أو على الأوسق من التمر أو الشعير قال، لا تفعلوا ازرعوها أو امسكوها) متفق عليه، وروى أبو سعيد قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المحاقلة والمحاقلة استكراء الأرض بالحنطة ولنا قول رافع فاما بشئ معلوم مضمون فلا بأس به، ولأنه عوض معلوم مضمون لا يتخذ وسيلة إلى الربا فجازت اجارتها به كالأثمان، وحديث ظهير بن رافع قد سبق الكلام عليه في المزارعة على أنه يحتمل النهي عن اجارتها بذلك إذا كان خارجا منها ويحتمل النهي عنه إذا آجرها بالربع والأوسق وحديث أبي سعيد يحتمل المنع من كرائها بالحنطة إذا اكتراها لزرع الحنطة