يفعله ثم أجمع عليه خلفاؤه وأصحابه بعده بخبر لا يجوز العمل به ولو لم يخالفه غيره؟ ورجوع ابن عمر إليه يحتمل أنه رجع عن شئ من المعاملات الفاسدة التي فسرها رافع في حديثه، وأما غير ابن عمر نقد أنكر على رافع ولم يقبل حديثه وحمله على أنه غلط في روايته والمعنى يدل على ذلك فإن كثيرا من أهل النخيل والشجر يعجزون عن عمارته وسقيه ولا يمكنهم الاستئجار عليه، وكثير من الناس لا شجر لهم ويحتاجون إلى الثمر ففي تجويز المساقاة دفع للحاجتين وتحصيل لمصلحة الفئتين فجاز ذلك كالمضاربة بالأثمان (مسألة) قال أبو القاسم (وتجوز المساقاة في النخل والشجر والكرم بجزء معلوم يجعل للعامل من الثمر) وجملة ذلك أن المساقاة جائزة في جميع الشجر المثمر هذا قول الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم وبه قال سعيد بن المسيب وسالم ومالك والثوري والأوزاعي وأبو يوسف ومحمد وإسحاق وأبو ثور وقال داود لا يجوز الا في النخيل لأن الخبر إنما ورد بها فيه، وقال الشافعي لا يجوز إلا في النخيل والكرم لأن الزكاة تجب في ثمرتهما، وفي سائر الشجر قولان (أحدهما) لا تجوز فيه لأن الزكاة لا تجب في نمائه فأشبه مالا ثمرة له، وقال أبو حنيفة وزفر لا تجوز بحال لأنها إجارة بثمرة لم تخلق أو إجارة بثمرة مجهولة أشبه إجارة نفسه بثمرة غير الشجر الذي يسقيه
(٥٥٦)