في معنى البيع في الحاجة إلى التوكيل فيها فيثبت فيها حكمه ولا نعلم في شئ من ذلك اختلافا، ويجوز التوكيل في عقد النكاح في الايجاب والقبول لأن النبي صلى الله عليه وسلم وكل عمرو بن أمية وأبا رافع في قبول النكاح له ولان الحاجة تدعو إليه فإنه ربما احتاج إلى التزوج من مكان بعيد لا يمكنه السفر إليه فإن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج أم حبيبة وهي يومئذ بأرض الحبشة، ويجوز التوكيل في الطلاق والخلع والرجعة والعتاق لأن الحاجة تدعو إليه كدعائها إلى التوكيل في البيع والنكاح، ويجوز التوكيل في تحصيل المباحات كاحياء الموات واسقاء الماء والاصطياد والاحتشاش لأنها تملك مال بسبب لا يتعين عليه فجاز التوكيل فيه كالابتياع والاتهاب، ويجوز التوكيل في اثبات القصاص وحد القذف واستيفائهما في حضرة الموكل وغيبته لأنهما من حقوق الآدميين وتدعوا الحاجة إلى التوكيل فيهما لأن من له حق قد لا يحسن الاستيفاء أو لا يحب أن يتولاه.
(فصل) ويجوز التوكيل في مطالبة الحقوق واثباتها والمحاكمة فيها حاضرا كان الموكل أو غائبا، صحيحا أو مريضا، وبه قال مالك وابن أبي ليلى وأبو يوسف ومحمد والشافعي وقال أبو حنيفة للخصم أن يمتنع من محاكمة الوكيل إذا كان الموكل حاضرا لأن حضوره مجلس الحكم ومخاصمته حق لخصمه عليه فلم يكن له نقله إلى غيره بغير رضاء خصمه كالدين عليه ولنا انه حق تجوز النيابة فيه فكان لصاحبه الاستنابة بغير رضاء خصمه كحال غيبته ومرضه