العارية لا يعتبر فيها العلم وبهذا قال أبو ثور وأصحاب الرأي، وقال الشافعي يعتبر ذلك لأن الضرر يختلف بذلك. ولنا أنها عارية لجنس من النفع فلم تعتبر معرفة قدره كعارية الأرض للزرع، ولا يصير المعير ضامنا للدين وقال الشافعي في أحد قوليه يصير ضامنا له في رقبة عبده لأن العارية ما يستحق به منفعة العين والمنفعة ههنا للمالك فدل على أنه ضمان ولنا أنه أعاره ليقضي منه حاجته فلم يكن ضامنا كسائر العواري وإنما يستحق بالعارية النفع المأذون فيه وما عداه من النفع فهو لمالك العين، وان عين المعير قدر الدين الذي يرهنه به وجنسه أو محلا تعين لأن العارية تتعين بالتعيين فإن خالفه في الجنس لم يصح لأنه عقد لم يأذن له فيه أشبه ما لو لم يأذن في رهنه وكذلك إذا أذن له في محل فخالفه فيه لأنه إذا أذن له في رهنه بدين مؤجل فرهنه بحال فقد لا يجد ما يفكه به في الحال، وان أذن في رهنه بحال فرهنه بمؤجل فلم يرض أن يحال بينه وبين عبده إلى أجل لم يصح، وان رهنه بأكثر مما قدره له لم يصح لأن من رضي بقدر من الدين لم يلزم أن يرضى بأكثر منه وان رهنه بأنقص منه جاز لأن من رضي بعشرة رضي بما دونها عرفا فأشبه من أمر بشراء شئ بثمن فاشتراه بدونه وللمعير مطالبة الراهن بفكاك الرهن في الحال سواء كان بدين حال أو مؤجل لأن للمعير الرجوع في العارية متى شاء وان حل الدين فلم يفكه الراهن جاز بيعه في الدين لأن ذلك مقتضى الرهن فإذا بيع في الدين أو تلف رجع السيد على الراهن بقيمته لأن العارية تضمن بقيمتها
(٣٦٣)