المضارب إنما كان بترك العمل واشتغاله عن المال الأول وهذا لا يوجب عوضا كما لو اشتغل بالعمل في مال نفسه أو آجر نفسه أو ترك التجارة للعب أو اشتغال بعلم أو غير ذلك ولو أوجب عوضا لا وجب شيئا مقدرا لا يختلف ولا يتقدر بربحه في الثاني والله أعلم (فصل) وان دفع إليه مضاربة واشترط النفقة فكلمه رجل في أن يأخذ له بضاعة أو مضاربة ولا ضرر فيها فقال احمد إذا اشترط النفقة صار أجيرا له فلا يأخذ من أحد بضاعة فإنها تشغله عن المال الذي يضارب به، قيل فإن كانت لا تشغله؟ فقال ما يعجبني أن يكون إلا باذن صاحب المضاربة فإنه لا بد من شغل. وهذا والله أعلم على سبيل الاستحباب وان فعل فلا شئ عليه لأنه لا ضرر على رب المضاربة فيه (فصل) وان اخذ من رجل مضاربة ثم اخذ من آخر بضاعة أو عمل في مال نفسه أو أتجر فيه فربحه في مال البضاعة لصاحبها وفي مال نفسه لنفسه (فصل) إذا أخذ من رجل مائة قراضا ثم أخذ من آخر مثلها واشترى بكل مائة عبدا فاختلط العبدان ولم يتميزا فإنهما يصطلحان عليهما كما لو كانت لرجل حنطة فالثالث عليه أخرى وذكر القاضي في ذلك وجهين (أحدهما) يكونان شريكين فيهما كما لو اشتركا في عقد البيع فيباعان ويقسم بينهما فإن كان فيهما ربح دفع إلى العامل حصته والباقي بينهما نصفين (والثاني) يكونان للعامل وعليه أداء رأس المال، والربح له والخسران عليه وللشافعي قولان كالوجهين والأول أولى لأن ملك كل واحد منهما ثابت في أحد العبدين فلا يزول بالاشتباه عن جميعه ولا عن بعضه بغير رضاءه كما لو لم يكونا في يد المضارب ولأننا لو جعلنا هما للمضارب أدى إلى أن يكون تفريطه سببا لانفراده بالربح وحرمان المتعدى عليه وعكس ذلك أولى وان جعلناهما شريكين أدى إلى أن يأخذ أحدهما ربح مال الآخر بغير رضاه وليس له فيه مال ولا عمل.
(١٦٤)