ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم (لا ضرر ولا اضرار) ولان هذا اضرار بجيرانه، فمنع منه كالدق الذي يهز الحيطان وينثرها، وكسقي الأرض الذي يتعدى إلى هدم حيطان جاره، أو اشعال نار تتعدى إلى احراقها قالوا ههنا تعدت النار التي أضرمها والماء الذي أرسله فكان مرسلا لذلك في ملك غيره فأشبه ما لو أرسله إليها قصدا قلنا والدخان هو أجزاء الحريق الذي أحرقه فكان مرسلا له في ملك جاره، فهو كاجزاء النار والماء، وأما دخان الخبز والطبيخ فإن ضرره يسير، ولا يمكن التحرز منه وتدخله المسامحة (فصل) وإن كان سطح أحدهما أعلى من سطح الآخر فليس لصاحب الاعلى الصعود على سطحه على وجه يشرف على سطح جاره الا أن يبني سترة تستره، وقال الشافعي لا يلزمه عمل سترة لأن هذا حاجز بين ملكيهما فلا يجبر أحدهما عليه كالأسفل ولنا انه اضرار بجاره فمنع منه كدق يهز الحيطان وذلك، لأنه يكشف جاره ويطلع على حرمه فأشبه ما لو اطلع عليه من صئر بابه أو خصاصه، وقد دل على المنع من ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم (لو أن رجلا اطلع إليك فحذفته بحصاة ففقأت عينه لم يكن عليك جناح) ويفارق الأسفل فإن تصرفه لا يضر بالأعلى ولا يكشف داره (فصل) إذا كانت بينهما عرصة حائط فاتفقا على قسمها طولا جاز ذلك سواء اتفقا على قسمها طولا أو عرضا لأنها ملكهما ولا تخرج عنهما وان اختلفا فطلب أحدهما قسمها وهو ان يجعل له نصف الطول في جميع العرض وللآخر مثله فقال أصحابنا يجبر الممتنع على القسمة وهو مذهب الشافعي لأن ذلك لا يضر فإذا اقتسما اقترعا. فكان لكل واحد منهما ما تخرج به القرعة، فإن كان مبنيا فلا كلام وإن كان غير مبنى كان لكل واحد منهما أن يبني في نصيبه وان أحب أن يدخل بعض عرصته في داره فعل وإن أحب أن يزيد في حائطه من عرصته فعل ويحتمل أن لا يجبر على القسمة لأنها توجب اختصاص كل واحد منهما ببعض الحائط المقابل لملك شريكه وزوال ملك شريكه فيتضرر لأنه لا يقدر على حائط يستر ملكه وربما اختار أحدهما أن لا يبنى حائطه فيبقى ملك كل واحد منهما مكشوفا أو يبنيه ويمنع جاره من وضع خشبه عليه وهذا ضرر لا يرد الشرع بالاجبار عليه، فإن قيل فإذا كان مشتركا تمكن أيضا من منع شريكه وضع خشبه عليه قلنا إذا كان له عليه رسم وضع خشبه أو انتفاع به
(٥٢)