بين شركة العنان والوجوه والأبدان فيصح ذلك لأن كل نوع منها يصح على انفراده فصح مع غيره (والثاني) أن يدخلا بينهما في الشركة الاشتراك فيما يحصل لكل واحد منهما من ميراث أو يجده من ركاز أو لقطة ويلزم كل واحد منهما ما يلزم الآخر من أرش جناية وضمان غصب وقيمة متلف وغرامة الضمان أو كفالة فهذا فاسد وبهذا قال الشافعي، وأجازه الثوري والأوزاعي وأبو حنيفة وحكى ذلك عن مالك، وشرط أبو حنيفة لها شروطا وهي أن يكونا حرين مسلمين وأن يكون مالهما في الشركة سواء وأن يخرجا جميع ما يملكانه من جنس الشركة وهو الدراهم والدنانير. واحتجوا بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (إذا تفاوضتم فأحسنوا المفاوضة) ولأنها نوع شركة يختص باسم فكان فيها صحيح كشركة العنان ولنا انه عقد لا يصح بين الكافرين ولا بين كافر ومسلم فلم يصح بين المسلمين كسائر العقود الفاسدة ولأنه عقد لم يرد الشرع بمثله فلم يصح كما ذكرنا ولان فيه غررا فلم يصح كبيع الغرر، وبيان غرره أنه يلزم كل واحد ما لزم الآخر وقد يلزمه شئ لا يقدر على القيام به وقد أدخلا فيه الأكساب النادرة، والخبر لا نعرفه ولا رواه أصحاب السنن ثم ليس فيه ما يدل على أنه أراد هذا العقد فيحتمل أنه أراد المفاوضة في الحديث ولهذا روي فيه (ولا تجادلوا فإن المجادلة من الشيطان) وأما القياس فلا يصح فإن اختصاصها باسم لا يقتضى الصحة كبيع المنابذة والملامسة وسائر البيوع الفاسدة وشركة العنان تصح من الكافرين والكافر والمسلم بخلاف هذا.
(١٣٩)