وليس له زرع ما هو أكثر ضررا منه كالذرة والدخن والقطن لأن ضرره أكثر وحكم إباحة الانتفاع في العارية كحكم الانتفاع في الإجارة فيما له أن يستوفيه وما يمنع منه وسنذكر في الإجارة تفصيل ذلك إن شاء الله تعالى. وإن أذن له في زرع مرة لم يكن له أن يزرع أكثر منها وان أذن له في غرس شجرة فانقلعت لم يكن له غرس أخرى وكذلك أن اذن له في وضع خشبة على حائط فانكسرت لم يملك وضع أخرى لأن الاذن إذا اختص بشئ لم يتجاوزه (فصل) وان استعار شيئا فله استيفاء منفعته بنفسه وبوكيله لأن وكيله نائب عنه ويده كيده وليس له أن يؤجره لأنه لم يملك المنافع فلا يصح أن يملكها ولا نعلم في هذا خلافا، ولا خلاف بينهم أن المستعير لا يملك العين، وأجمعوا على أن للمستعير استعمال المعار فيما أذن له فيه وليس له أن يعيره غيره وهذا أحد الوجهين لأصحاب الشافعي وقالوا في الآخر له ذلك وهو قول أبي حنيفة لأنه يملكه على حسب ما ملكه فجاز كما للمستأجر أن يؤجر، قال أصحاب الرأي إذا استعار ثوبا ليلبسه هو فأعطاه غيره فلبسه فهو ضامن وإن لم يسم من يلبسه فلا ضمان عليه، وقال مالك إذا لم يعمل بها الا الذي كان يعمل بها الذي أعيرها فلا ضمان عليه، ولنا أن العارية إباحة المنفعة فلم يجز أن يبيحها غيره كإباحة الطعام وفارق الإجارة لأنه ملك الانتفاع على كل وجه فملك أن يملكها وفي العارية لم يملكها إنما ملك استيفاءها على وجه ما أذن له فأشبه من أبيح له أكل الطعام، فعلى هذا ان أعار فللمالك الرجوع بأجر المثل وله
(٣٦١)