لأنه منتفع به بوضع ماله عليه فأشبه الباني عليه والزارع في الأرض، وورود الشرع بالنهي عن المنع منه لا يمنع كونه دليلا على الاستحقاق بدليل انا استدللنا بوضعه على كون الوضع مستحقا على الدوام حتى متى زال جازت اعادته، ولان كونه مستحقا تشترط له الحاجة إلى وضعه ففيما لا حاجة إليه له منعه من وضعه وأما السماح به فإن أكثر الناس لا يتسامحون به، ولهذا لما روى أبو هريرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم طأطؤا رؤوسهم كراهة لذلك فقال مالي أراكم عنها معرضين والله لأرمين بها بين أكتافكم وأكثر الفقهاء لا يوجبون التمكين من هذا ويحملون الحديث على كراهة المنع لا على تحريمه ولان الحائط يبنى لذلك فيرجح به كالأزج، وقال أصحاب أبي حنيفة لا ترجح الدعوى بالجذع الواحد لأن الحائط لا يبنى له ويرجح بالجذعين لأن الحائط يبنى لهما، ولنا أنه موضوع على الحائط فاستوى في ترجيح الدعوى به قليله وكثيره كالبناء (فصل) ولا ترجح الدعوى بكون الدواخل إلى أحدهما والخوارج ووجوه الآجر والحجارة ولا كون الآجرة الصحيحة مما يلي ملك أحدهما واقطاع الآجر إلى ملك الآخر ولا بمعاقد القمط في الخص يعني عقد الخيوط التي يشد بها الخص وبهذا قال أبو حنيفة والشافعي، وقال أبو يوسف ومحمد يحكم به لمن إليه وجه الحائط ومعاقد القمط لما روى نمر بن حارثة التميمي عن أبيه ان قوما اختصموا إلى النبي صلى الله عليه وسلم في خص فبعث حذيفة بن اليمان ليحكم بينهم فحكم به لمن يليه معاقد القمط ثم رجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال (أصبت وأحسنت) رواه ابن ماجة وروي نحوه عن علي ولان العرف جار بان من بنى حائطا جعل وجه الحائط إليه ولنا عموم قوله عليه السلام (البينة على المدعي واليمين على من أنكر) ولان وجه الحائط ومعاقد القمط إذا كانا شريكين فيه لابد من أن يكون إلى أحدهما إذا لا يمكن كونه إليهما جميعا فبطلت دلالته كالتزويق ولأنه يراد للزينة فأشبه التزويق، وحديثهم لا يثبته أهل النقل واسناده مجهول قاله ابن المنذر
(٤٣)