(فصل) القسم الثاني ان يشترك بدنان بماليهما وهذا النوع الثالث من أنواع الشرك وهي شركة العنان، ومعناها أن يشترك رجلان بماليهما على أن يعملا فيهما بأبدانهما والربح بينهما وهي جائزة بالاجماع ذكره ابن المنذر، وإنما اختلف في بعض شروطها واختلف في علة تسميتها شركة العنان فقيل سميت بذلك لأنهما يتساويان في المال والتصرف كالفارسين إذا سويا بين فرسيهما وتساويا في السير فإن عنانيهما يكونان سواء، وقال الفراء هي مشتقة من عن الشئ إذا عرض يقال عنت لي حاجة إذا عرضت فسميت الشركة بذلك لأن كل واحد منهما عن له ان يشارك صاحبه، وقيل هي مشتقة من المعانئه وهي المعارضة يقال عاننت فلانا إذا عارضته بمثل ماله وافعاله فكل واحد من الشريكين معارض لصاحبه بماله وفعاله وهذا يرجع إلى قول الفراء (فصل) ولا خلاف في أنه يجوز جعل رأس المال الدراهم والدنانير فإنها قيم الأموال وأثمان البياعات والناس يشتركون بها من لدن النبي صلى الله عليه وسلم إلى زمننا من غير نكير، فاما العروض فلا تجوز الشركة فيها في ظاهر المذهب نص عليه أحمد في رواية أبى طالب وحرب وحكاه عنه ابن المنذر، وكره ذلك ابن سيرين ويحيى بن أبي كثير والثوري والشافعي وإسحاق وأبو ثور وأصحاب الرأي لأن الشركة اما ان تقع على أعيان العروض أو قيمتها أو أثمانها: لا يجوز وقوعها على أعيانها لأن الشركة تقتضي الرجوع عند المفاصلة برأس المال أو بمثله وهذه لا مثل لها فيرجع إليه وقد تزيد قيمة جنس أحدهما دون الآخر
(١٢٤)