لم يملك منعه من رسمه وههنا يملك منعه بالكلية، وأما إن طلب قسمها عرضا وهو أن يجعل لكل واحد منهما نصف العرض في كمال الطول نظرنا فإن كانت العرصة لا تتسع لحائطين لم يجبر الممتنع من قسمها واختلفوا واختار ابن عقيل أنه يجبر وهو ظاهر كلام الشافعي لأنها عرصة فأجبر على قسمها كعرصة الدار ولنا أن في قسمها ضررا فلم يجبر الممتنع من قسمها عليه كالدار الصغيرة وما ذكروه ينتقض بذلك وإن كانت تتسع لحائطين بحيث يصل لكل واحد منهما ما يبني فيه حائطا ففي إجبار الممتنع وجهان أحدهما يجبر قاله أبو الخطاب لأنه لا ضرر في القسمة لكون كل واحد منهما يحصل له ما يندفع به حاجته فأشبه عرصة الدار التي يحصل لكل واحد منهما ما يبنى فيه دارا. والثاني لا يجبر ذكره القاضي لأن هذه القسمة لا تقع فيها قرعة لأننا لو أقرعنا بينهما لم نأمن أن تخرج قرعة كل واحد منهما على ما يلي ملك جاره فلا ينتفع به فلو أجبرناه على القسمة لأجبرناه على أخذ ما يلي داره من غير قرعة وهذا لا نظير له ولا صاحب الشافعي وجهان كهذين، ومتي اقتسما العرصة طولا فبنى كل واحد منهما لنفسه حائطا وبقيت بينهما فرجة لم يجبر أحدهما على سدها ولم يمنع من سدها لأن ذلك يجري مجرى بناء الحائط في عرصته (فصل) وإن كان بينهما حائط فاتفقا على قسمته طولا جاز ويعلم بين نصيبيهما بعلامة وان اتفقا على قسمة عرضا فقال أصحابنا يجوز القسمة لأن الحق لهما لا يخرج عنهما فأشبه العرصة ويحتمل أن لا تجوز القسمة لأنها لا تكون إلا بتمييز نصيب أحدهما من الآخر بحيث يمكنه الانتفاع بنصيبه دون نصيب صاحبه وههنا لا يتميز ولا يمكن انتفاع أحدهما بنصيبه منفردا لأنه إن وضع خشبه على أحد جانبي الحائط كان ثقله على الحائط كله وإن فتح فيه طاقا يضعفه ضعف كله وإن وقع بعضه تضرر النصيب الآخر، وإن طلب أحدهما قسمه وأبى الآخر فذكر القاضي أن الحكم في الحائط كالحكم في عرصته سواء ولا يجبر على قسم الحائط إلا أن يطلب أحدهما قسمه طولا ويحتمل أن لا يجبر على قسمه أيضا وهو أحد الوجهين لا صحاب الشافعي لأنهما إن قطعاه بينهما فقد أتلفا جزءا من الحائط ولا يجبر الممتنع من ذلك كما لو كان بينهما ثوب فطلب أحدهما قطعه وان لم يقطع وعلما علامة على نصفه كان انتفاع أحدهما بنصيبه انتفاعا بنصيب الاخر، ووجه الأول أنه يجبر على قسم الدار وقسم حائطها المحيط بها وكذلك قسم البستان وحائطه ولا يجبر على القطع المضر بل يعلمه بخط بين نصيبهما ولا يلزم من ذلك انتفاع أحدهما بنصيب الاخر وان اتصل به بدليل الحائط المتصل في دارين والله أعلم.
(٥٣)